كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

.
__________
امرأة قالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر فقال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت نعم، قال فصومي عن أمك، وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي من حديث بريدة أن امرأة قالت إنه كان على أمي صوم شهر افأصوم عنها؟ قال صومي عنها (ومن غير الولد) أيضا لحديث من مات وعليه صيام صام عنه وليه متفق عليه من حديث عائشة (وبقراءة يس) من الولد وغيره لحديث اقرءوا على موتاكم يس، وقد تقدم (وبالدعاء من الولد) لحديث أو ولد صالح يدعو له (ومن غيره) لحديث استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل، وقد تقدم، ولحديث فضل الدعاء للأخ بظهر الغيب، ولقوله تعالى "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان" ولما ثبت من الدعاء للميت عند الزيارة كحديث بريدة عند مسلم وأحمد وابن ماجه "قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وأنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية" (وبجميع ما يفعله الولد لوالديه) من أعمال البر لحديث "ولد الإنسان من سعيه" وكما تخصص هذه الأحاديث الآية المتقدمة كذلك يخصص حديث أبي هريرة عند مسلم وأهل السنن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا مات الإنسان انقطع عمله الخ" وقد تقدم فإن ظاهره أنه ينقطع عنه ما عدا هذه الثلاثة كائنا ما كان، وقد قيل إنه يقاس على هذه المواضع التي وردت بها الأدلة غيرها؛ فيلحق الميت كل شيء فعله غيره أهـ. وقال شارح الكنز إن الآية منسوخة بقوله تعالى "والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم" وقيل الإنسان أريد به الكافر؛ وأما المؤمن فله ما سعى اخوانه، وقيل ليس له من طريق العدل، وهو له من طريق الفضل، وقيل اللام بمعنى على كما في قوله تعالى ولهم اللعنة أي عليهم أهـ (وقال الحافظ بن كثير) رحمه الله في تفسير قوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" أي كمالا يحمل عليه وزرع غيره كذلك لا يحصل له من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه، قال ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن اتبعه أن القراءة لا يصل اهداء ثوابها إلى الموتى لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم؛ ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء؛ ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولو كان خيرا لسبقوا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء (فأما الدعاء والصدقة) فذاك مجمع على وصولها ومنصوص من الشارع عليهما (وأما الحديث) الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات الإنسان انقطع عمله (فذكر الحديث المتقدم في الزوائد) ثم قال فهذه الثلاثة في الحقيقية هي من سعيه وكده وعمله كما جاء في الحديث

الصفحة 104