كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

حديثه، قال قتادة فذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون، ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك "قال وأما الكافر أو المنافق" فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل، فيقول لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس فيقال له لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها
__________
انتهى الحديث عند مسلم (1) قال القاضي عياض يحتمل أن يكون هذا الفسح له على ظاهره، وأنه يرفع عن بصره ما يجاوره من الحجب الكثيفة بحيث لا تناله ظلمة القبر ولا ضيقه إذا ردت إليه روحه، قال ويحتمل أن يكون على ضرب المثل والاستعارة للرحمة والنعيم كما قال سقى الله قبره والاحتمال الأول أظهر" والله أعلم (2) قال النووي الخضر ضبطوه بوجهين أصحهما بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، والثاني بضم الخاء وفتح الضاد والأول أشهر؛ ومعناه يملأ نعما غضة ناعمة، واصلة من خضرة الشجر، هكذا فسروه أهـ. (قلت) قال القرطبي في التذكرة فسر في الحديث بالريحان أهـ (3) يريد أنه كان مقلدا في دينه للناس ليس له عقيدة ثابتة (4) يجوز فيقوله من حديد وجهان (أحدهما) أن يكون صفة لموصوف محذوف أي من ضارب حديد، أي قوي شديد الغضب (والثاني) أن يكون صفة للمطراق، فعلى هذا تكون كلمة من بيانية، والظاهر أن الضارب غير المنكر والنكير؛ ويحتمل أن يكون أحدهما، ويحتمل أن يكون غيرهما، وقد جاء في مسند الإمام أحمد ما يدل على جواز الوجهين، فما يدل على أنه غيرهما ما جاء في حديث البراء بن عازب - وتقدم في الجزء السابع صحيفة 72 - ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابا، فيضربه ضربة حتى يصير ترابا - وما سيأتي في حديث أسماء "ثم تسلط عليه دابة في قبره معها صوت تمرئة جمرة مثل غرب البعير تضربه ما شاء الله الحديث" ومما يدل على أنه أحدهما ما ذكر في حديث أبي سعيد بلفظ "ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم، وما رواه أبو داود من حديث أنس بلفظ "فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق الثقلين" فهذا يدل صريحا على أن الضارب هو الملك الذي يسأله وهو إما المنكر. وإما النكير (فإن قلت) كيف الجمع بين الوجهين (فالجواب) يحتمل أن يكون الضرب معددا، مرة من أحد الملكين ومرة من الأعمى الأبكم، وكل هذا في

الصفحة 111