كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
(2) باب ما جاء في عذاب القبر والتعوذ منه
(294) عن مسروق عن عائشة رضي الله عنه قالت دخلت عليها
__________
فيتشكلان لكل إنسان بشاكلة عمله وعلمه واعتقاده (فإن قال قائل) كيف يخاطب الملكان جميع الموتى في جميع أقطار الأرض في وقت واحد (فالجواب) أن الله تعالى جعل جسمهما كبيرا مثل جسم ملك الموت فتكون الدنيا كلها بين يديهما كالإناء الذي يؤكل منه، فإذا تكلما وصل إلى كل واحد من الموتى في سائر أقطار الأرض فيتخيل أن الخطاب له من منعم ومعذب فيدخل في أذن كل واحد من ذلك الكلام ما يناسب حاله من لطف وشدة ونعيم وعذاب أهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على أن الأعمال الصالحة كالصلاة والصيام ونحو ذلك تدافع عن صاحبها عند فتنة القبر، وتتشكل أيضا في صورة رجل صالح يبشر صاحبه بالجنة ويؤنسه في قبره كما جاء في حديث البراء بن عازب، وتقدم في الجزء السابع صحيفة 74 وفيه "ثم يأتيه آت حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول أبشر بكرامة من الله ونعيم مقيم فيقول وأنت فبشرك الله بخير، من أنت؟ فيقول أنا عملك الصالح -الحديث (وفيه أن الكافر) يأتيه آت قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الرائحة فيقول أبشر بهوان من الله وعذاب مقيم. فيقول وأنت فبشرك الله بالشر من أنت؟ فيقول أنا عملك الخبيث -الحديث" (قال القرطبي رحمه الله) فإن قال قائل فكيف تنقلب الأعمال أشخاصا وهي في نفسها أعراض (فالجواب) أن الله تعالى يخلق من ثواب الأعمال أشخاصا حسنة وقبيحة لأن العرض نفسه لا ينقلب جوهرا، وقد ورد في الصحيح أنه يؤتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف على الصراط فيذبح ومحال أن ينقلب الموت كبشا لأنه عرض وإنما المعنى أن الله تعالى يخلق شخصا يسميه الموت فيذبح بين الجنة والنار، قال وهكذا كل ما ورد في هذا الباب من الأمور التي لا تدركها العقول هو مؤول أهـ (وقال الشعراني) في مختصره التذكرة، ويجوز أن يقال إذا كان للحق سبحانه وتعالى إيجاد الخلق من عدم فله تعالى إيجاد الجوهر من العرض بالأولى والله أعلم (فإن قيل) قد اختلفت الآثار في سعة القبر وضيقه من سبعين ذراعا أو أربعين أو مد البصر كما في الصحيح من ذلك (فالجواب) هذا مختلف باختلاف الناس من أهل الخير، فكل من زاد في الأعمال الصالحة كان قبره أوسع، وأما الكافر فقبره ضيق على حالة واحدة لا يتسع أبدا، نسأل الله العافية
(294) عن مسروق (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها- الحديث"