كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

مرة أو مرتين، ثم قال ألم أنهك أن تقدمني أمام الجنازة؟ قال فسمع امرأة تلتدم وقال مرة ترثي (وفي رواية فجعل النساء يبكين) فقال مه، ألم أنهكن عن هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن المراثي، لتفض إحداكن من عبرتها ما شاءت، فما وضعت الجنازة تقدم فكبر عليها أربع تكبيرات، ثم قام هنية فسبح به بعض القوم فانفتل فقال أكنتم ترون أني أكبر الخامسة؟ قالوا، نعم، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر الرابعة قام هنية، فلما وضعت الجنازة جلس وجلسنا، فسئل عن لحوم الحمر الأهلية فقال تلقانا يوم خيبر حمر أهلية خارجا من القرية فوقع الناس فيها فذبحوها فإن القدور لتغلي ببعضها إذا نادى منادي رسول الله
__________
ففعل ذلك مرة او مرتين" يعني كرر السؤال (1) أي لأنه كان يرى أن الراكب يكون خلف الجنازة لا أمامها، ويؤيده حديث المغيرة بن شعبة الآتي مرفوعا "الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء- الحديث" (2) الالتدام ضرب النساء وجوههن في النياحة وهو حرام بالإجماع وقوله "وقال مرة ترثي) قبل معناه الندبة كقولهن واحسرتاه وامصيبتاه واويلاه ونحو ذلك مما فيه سخط وعدم رضا بقضاء الله، فكل هذا حرام لا يجوز فعله (3) أي بكاء مصحوبا بشيء مما تقدم، ولذا قال لهن (مه) أي اكففن وهو اسم فعل أمر مبني على السكون، ومعناه اكفف فإن وصلت نونت فقلت مه مه "ألم أنهكن عن هذا" ثم عزز ذلك بقوله "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن المراثي" (4) أي لترق احداكن من دموعها في بكائها ما شاءت بدون صوت ولا تلفظ بما يغضب الله عز وجل (5) أي للصلاة عليها، وتقدم تفسير هذه الجملة وما بعدها إلى قوله "جلس وجلسنا" في شرح حديث رقم 186 في باب عدد تكبير صلاة الجنازة (6) هي الحمر المستأنسة (جمع حمار) التي يركبها الناس أي سأله الناس عن أكلها هل يجوز أم لا (7) يعني يوم غزوة خيبر وكانت في السنة السابعة من الهجرة، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى في أبواب الغزوات من كتاب السيرة النبوية (8) في رواية أخرى عن أبي أوفى أيضا قال أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها- الحديث"

الصفحة 12