كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
أبي سفيان، وبأخي معاوية قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة؛ لن يعجل شئ قبل حله أو يؤخر شئ عن جله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار وعذاب في القبر كان أخير وأفضل
فصل منه فيما في عذاب الكفار واليهود في القبر
(301) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
وقد كانت القردة أو الخنازير قبل ذلك (غريبه) (1) أي تدعو الله تعالى أن يظيل حياتهم لتتمتع بوجودهم (1) بكسر الحاا المهملة ويجوز فتحها، والأشهر الكسر وهما لغتان، ومعناه وجوبه وحينه - يقال حل الأجل يحل حلا وحلا، وهذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل، فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك، ونقل النووي عن المازري أنه قال هنا قد تقرر بالدلائل القطعية أن الله تعالى أعلم بالآجال والأرزاق وغيرها؛ وحقيقة العلم معرفة المعلوم على ما هو عليه، فإذا علم الله تعالى أن زيدا يموت سنة خمسمائة استحال أن يموت قبلها أو بعدها لئلا ينقلب العلم جهلا، فاستحال أن الآجال التي علمها الله تعالى تزبد وتنقص، فيتعين تأويل الزيادة أنها بالنسبه إلى ملك الموت أو غيره ممن وكله الله بقبض الأرواح وأمره فيها بآجال ممدودة فإنه بعد أن يأمره بذلك أو يثبته في اللوح المحفوظ ينقص منه ويزيد على حسب ما سبق به علمه في الأزل؛ وهو معنى قوله تعالى "يمحو الله ما يشاء ويثبت" وعلى ما ذكرناه يحمل قوله تعالى "ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده" واعلم أن مذهب أهل الحق أن المقتول مات بأجله (وقالت المعتزلة) قطع اجله والله أعلم (فإن قيل) ما الحكمة في نهيها عن الدعاء بالزيادة في الأجل مع أنه مفروغ منه وندبها إلى الدعاء بالاستعاذة من العذاب مع أنه مفروغ منه أيضا كالأجل (فالجواب) أن الجميع مفروغ منه، لكن الدعاء بالنجاة من عذاب النار ومن عذاب القبر ونحوهما عبادة، وقد أمر الشرع بالعبادات، فقيل أفلا نتكل على كتابنا وما سبق لنا من القدر، فقال اعلموا فكل ميسر لما خلق له، وأما الدعاء بطول الأجل فليس عبادة، وكما لا يحصل ترك الصلاة والصوم والذكر اتكالا على القدر، فكذا الدعاء بالنجاة من النار ونحوه والله أعلم.
(301) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا