كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
__________
إلا الله، ولو لمسها أهل الدنيا لم يحسوا بذلك (بل أعجب من هذا) أن الرجلين يدفنان أحدهما إلى جنب الآخر؛ وهذا في حفرة من حفر النار لا يصل حرها إلى جاره، بل ربما كان في روضة من رياض الجنة، وقد أرانا الله تعالى من آثار قدرته في هذه الدار ما هو أعجب من ذلك، لكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علما إلا من وفقه الله، فكيف ينكر في الحكمة الإلهية اسبال غطاء يحول بين المكلفين وبين مشاهدة ما يريد الله عز وجل واخفاءه حتى إذا كشف الغطاء رأوه وشاهدوه عيانا، وقد يطلع على ذلك بعض عبيده، ولو اطلع الكل عليه لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب، ولا تدافن الناس كما الصحيحين في حديث زيد بن ثابت (قلت) تقدم في أحاديث الباب من رواية الإمام أحمد بلفظ "لولا أن لا تدافتوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر" وتقدم أيضا من رواية أنس بلفظ "لولا أن لا تدافنوا لسألت الله تبارك وتعالى أن يسمعكم من عذاب أهل القبور ما أسمعني" (قال) وسر ذلك كله أن ما في البرزخ من النبات والنار والسعة والضيق ليس من جنس المعهود في الدنيا، فلا مانع من سؤال الملكين الميت ولو كان بين الناس ملثى على جذع مصلوبا ويعذبانه أو ينعمانه ولا يحس الناس بذلك، هذا الواحد منا ينام إلى جنبه صاحبه فيعذب في النوم بما قد يرى أثره عليه بعد أن يستيقظ، وليس عند من إلى جنبه علم بذلك البتة؛ (وحدثني صاحبنا أبو عبدالله) محمد بن الوزير الحراني أنه أخرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان، قال فلما كان قبل غروب الشمس توسطت القبور فإذا قبر خرج منه جمرة نار مثل كور الزجاج والميت في وسطه، فجعلت أمسح عيني وأقول أنائم أنا أو يقظان، ثم التفت إلى سور المدينة وقلت والله ما أنا بنائم، ثم ذهبت إلى أهلي وأنا مدهوش فأتوني بطعام فلم أستطع الأكل، ثم سألت عن صاحب القبر فإا هو مكاس قد توفى في ذلك اليوم \0 وذكر ابن أبي الدنيا) في كتاب القبور عن الشعبي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم مررت ببدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض فضربه رجل بمقمعة حتى يغيب في الأرض ثم يخرج فيفعل به ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أبو جهل بن هشام يفعل به إلى يوم القيامة (وذكر من طريق حماد بن سلمة) عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبدا لله بن عمر عن أبيه قال بينما أنا أسير بين مكة والمدينة على راحلة وأنا محتقب أداوة إذ مررت بمقبرة، فإذا رجل خارج من قبره يلتهب نارا وفي عنقه سلسلة يجرها، فقال يا عبد الله انضح فوالله ما أدري أعرفني باسمي أو كما يدعو الناس، فخرج آخر فقال يا عبد الله لا تنضح، ثم اجتذب السلسلة فأعاده في قبره (قال وحدثني أبي) أخبرنا موسى بن داود أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال بينما راكب يسير بين مكة والمدينة إ مر بمقبرة فإذا برجل قد خرج من قبره