كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

والذي نفسي بيده لا يدفن إلا مع إخوته، فدفن مع أصحابه بأحد
__________
هذا الحديث تامًا في مناقب عبدالله بن عمرو بن حرام والد جابر من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (الأربعة. وغيرهم) وصححه الترمذي (زوائد الباب) (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال دفن مع أبي رجل لم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة، رواه البخاري والنسائي (ولمالك في الموطأ) أنه سمع غير واحد يقول إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها (ولسعيد بن منصور في سننه) عن شريح بن عبيد الحضرمي أن رجالا قبروا صاحبا لهم لم يغسلوه ولم يجدوا له كفنا، ثم لقوا معاذ بن جبل فأخبروه فأمرهم أن يخرجوه فأخرجوه من قبره، ثم غسل وكفن وحنط ثم صلى عليه (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على جواز نبش الميت لحاجة كالغسل والتكفين والصلاة عليه كما في قصة عبدالله ابن أبي، وما رواه سعيد بن منصور المذكور في الزوائد في الرجل الذي دفن من غبر غسل ولا كفن وحنط ثم صلى عليه، وهذا وإن كان قول صحابي ولا حجة فيه. ولكن جعل الدفن مسقطا لما علم من وجوب غسل الميت أو تكفينه أو الصلاة عليه محتاج إلى الدليل ولا دليل (وفي حديث جابر) المذكور في الزوائد أنه نبش قبر أبيه وأخرجه ليدفن على حدة دليل على جواز نبش الميت لأمر يتعلق بالحي لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه وقد بين جابر ذلك بقوله فلم تطب نفسي، ولكن هذا إن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له بذلك أو قرره عليه. وإلا فلا حجة في فعل الصحابي، والرجل الذي دفن معه هو عمرو بن الجموح ابن زيد بن حرام الأنصاري، وكان صديق والد جابر وزوج أخته هند بنت عمرو، روى ابن اسحق في المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجمعوا بينهما فإنهما كانا متصادقين في الدنيا أهـ (وفي حديث جابر) المذكور في المتن رواية الإمام أحمد دليل على عدم جواز دفن الشهيد في غير الموطن الذي استشهد فيه، أما غير الشهيد فيجوز نقله إلى موطن آخر لما في الزوائد عن مالك في الموطأ أن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد رضي الله عنهما ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها، ولأن الأصل الجواز، ولو كان ذلك غير جائز لما سكت عنه الصحابة عند نقلهما وهم حينئذ كثيرون، ولا يقاس غير الشهيد على الشهيد لوجود الفارق وهو أن الشهيد له مزايا ليست في غيره، وربما كان لدفنه بمصرعه مزية يعلمها الشارع والله أعلم (قال ابن قدامة في المعنى في المغنى) ويستحب دفن الشهيد حيث قتل، قال أحمد أما القتلى فعلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ادفنوا القتلى في مصارعهم، وروى ابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلي أحد أن يردوا إلى مصارعهم، فأما غيرهم فلا ينقل الميت من بلده إلى بلد آخر إلا

الصفحة 150