كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

(4) باب النهي عن اتخاذ المساجد على القبور

(321) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا
__________
لغرض صحيح، وهذا مذهب الأوزاعي وابن المنذر، قال عبد الله بن أبي مليكة توفى عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي (*) فحمل إلى مكة فدفن، فلما قدمت عائشة أتت قبره ثم قالت والله لو حضرتك ما دفنتك إلا حيث مت ولو شهدتك ما زرتك، ولأن ذلك أخف لمؤنثة وأسلم له من التغيير، فأما إن كان فيه غرض صحيح جاز (قال أحمد) ما أعلم بنقل الرجل بموت في بلده إلى بلد أخرى بأسا، وسئل الزهري عن ذلك فقال قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق إلى المدينة (وقال ابن عيينة) مات ابن عمر هنا فأوصى أن لا يدفن هاهنا وأن يدفن بسرف أهـ. (قلت) وجواز النقل مشروط بما إذا كان المكان قريبا كما بين العقيق والمدينة، أما إذا كان بعيدا يخشى من النقل إليه تغير الميت فهو غير جائز بالاتفاق، لأن تعريض الميت للتغيير حرام (قال صاحب المهذب) وإذا دفن الميت قبل الصلاة صلى على القبر لأن الصلاة تصلي إليه في القبر، وإن دفن من غير غسل أو إلى غير القبلة ولم يخش عليه الفساد في نبشه نبش وغسل ووجه إلى القبلة. لأنه واجب مقدور على فعله، وإن خشي عليه الفساد لم ينبش. لأنه تعذر فعله فسقط كما يسقط وضوء الحي واستقبال القبلة في الصلاة إذا تعذر أهـ (قلت) وبهذا قال الأئمة (مالك وأحمد وداود - وقال أبو حنيفة) لا يجب ذلك بعد إهالة التراب عليه (وذكر ابن قتيبة في المعارف) وغيره أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم دفن فرأته بنته عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة في المنام فشكا إليها النز، فأمرت به فاستخرج طريا فدفن في داره بالبصره (قال غيره قال الراوي) كأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير إلا عقيصته فمالت عن موضعها واخضر ضقه الذي يلي النز، رضي الله عنه

(321) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث بن سعد حدثني عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) لفظ النصاري لم يرد في رواية البخاري وأبي داود، وورد في رواية لمسلم "ومعنى" قاتل أي قتلهم وأهلكهم- فقاتل بمعنى قتل كسارع بمعنى أسرع، أو المعنى
__________
(*) هو بضم الحاء وسكون الباء وكسر الشين والتشديد، موضع قريب من مكة، وقال الجوهري هو جبل بأسفل مكه (نه) وقال السيوطي مكان بينه وبين مكة اثنا عشر ميلا، وقد جاء في نسخة المغني طبع المنار بلفظ (الحبشة) وهو خطأ لم يقطن له مصححه صاحب المنار رحمه الله بل أقره على الهامش بقوله "ولذلك أنكرت عائشة نقل أخيها من الحبشة" والكمال لله وحده.

الصفحة 151