كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

إلى تأويل، فاتضح وجه الحديث على جميع المسالك والله تعالى أعلم أهـ

هذا وللحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله كتاب أسماه (مسالك الحنفاء في والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم) لخصت منه ما يحتاج إليه في هذا المقام لأهميته (قال رحمه الله) بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى (مسئلة) الحكم في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما ناجيان وليسا في النار، صرح بذلك جمع من العلماء ولهم في تقرير ذلك مسالك (المسلك الأول) أنهما ماتا قبل البعثة ولا تعذيب قبلها، لقوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وقد أطبقت أئمتنا الأشاعرة من أهل الكلام والأصول والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجيا وإنه لا يقاتل حتى يدعي إلى الإسلام، وأنه إذا قتل يضمن بالدية والكفارة، نص عليه الإمام الشافعي رضي الله عنه وسائر الأصحاب، بل زاد بعض الأصحاب وقال إنه يجب في قتله القصاص ولكن الصحيح خلافه؛ لأنه ليس بمسلم حقيقي وشرط القصاص المكافأة، وقد علل بعض الفقهاء قوله إذا مات لا يعذب بأنه على أصل الفترة ولم يقع منه عناد ولا جاءه رسول فكذبه، وهذا المسلك أول ما سمعته في هذا المقام الذي نحن فيه من شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي فإنه سئل عن والد النبي صلى الله عليه وسلم هل هو في النار؟ فزأر في السائل زارة شديدة، فقال له السائل هل ثبت إسلامه؟ فقال إنه مات في الفترة ولا تعذيب قبل البعثة، ونقله البسيط ابن الجوزي في كتاب مرآة الزمان عن جماعة، فإنه حكى كلام اجده على حديث إحياء أمة صلى الله عليه وسلم ثم قال ما نصه، وقال قوم قد قال الله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" والدعوة لم تبلغ أباه وأمه فما ذنبهما، وجزم به الأبي في شرح مسلم وسأذكر عبارته، وقد ورد في أهل الفترة أحاديث أنهم بمتحنون يوم القيامة وآيات مشيرة لعدم تعذيبهم، وإلى ذلك مال حافظ العصر شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر في بعض كتبه فقال والظن بآله صلى الله عليه وسلم يعني الذين ماتوا قبل البعثة أنهم يطيعون عند الامتحان إكراما له صلى الله عليه وسلم لتقر عينه بهم، ثم رأيته قال في الإصابة ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومن مات في الفترة ومن ولد أكمه أعمى أصم ومن ولد مجنونا أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ونحو ذلك أن كلا منهم يدلي بحجة ويقول لو عقلت أو ذكرت لآمنت، فترفع لهم نار ويقال ادخلوها، فمن كانت له بردا وسلاما، ومن امتنع ادخلها كرهاه، هذا معنى ما ورد في ذلك، قال وقد جمعت طرقه في جزء مفرد، قال ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا فينجو إلا أبا طالب فإنه أدرك البعثة ولم يؤمن، وثبت في ضحضاح من نار، وقد جعلت قصة الإمتحان داخلة في هذا المسلك مع أن الظاهر أنها مسلك مستقل ولكني وجدت ذلك لمعنى دقيق لا يخفى على ذوي التحقيق

الصفحة 164