كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

شريعة إبراهيم على وجهها لدثوروها وفقد من يعرفها، إذ كان بينهم وبين زمن زمن إبراهيم أزيد من ثلاثة آلا ف سنة، فاتضح بذلك صحة دخولها في هذا المسلك.

(تنبيه) ثم رأيت الإمام ابا عبد الله محمد بن خلف الأبي بسط الكلام على هذه المسألة في شرح مسلم عند حديث إن ابي وأباك في النار، فأورد قول النووي فيه أن من مات كافرا في النار ولا تنفعه قرابة الأقربين، ثم قالت قلت انظر هذا الإطلاق، وقد قال السهيلي ليس لنا أن نقول ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات، وقال تعالى "إن الذين يؤذون الله ورسوله" ولعله يصح ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله سبحانه فأحيا له أبويه فآمنا به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات، وقال تعالى "إن الذين يؤذون الله ورسوله" ولعله يصح ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله سبحانه فأحيا له أبويه فآمنا به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فوق هذا ولا يعجز الله سبحانه شيء، ثم أورد قول النووي وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان في النار، وليس هذا من التعذيب قبل بلوغ الدعوة لأنه بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الرسل، ثم قال قلت تأمل ما في كلامه من التنافي، فإن من بلغتهم الدعوة ليسوا من أهل الفترة، فإن أهل الفترة هم أمم الأمم الكائنة بين أزمنة الرسل الذين لم يرسل إليهم الأول ولا أدركوا الثاني كالأعراب الذين لم يرسل إليهم عيسى ولا لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم، والفترة بهذا التفسير تشمل ما بين كل رسولين، ولكن الفقهاء إذا تكلموا في الفترة فإنما يعنون التي بين عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم ولما دلت القواطع على أنه لا تعذيب حتى تقوم الحجة علمنا أنهم غير معذبين (فإن قلت) صحت أحاديث بتعذيب أهل الفترة كصاحب المحجن وغيره، قلت أجاب عن ذلك عقيل بن ابي طالب بثلاثة أجوبة (الأول) أنها أخبار آحاد فلا تعارض القاطع (الثاني) قصر التعذيب المذكور في هذه الأحاديث على من بدل وغير الشرائع وشرع من الضلال ما لا يعذر به فإن أهل الفترة (ثلاثة أقسام) (الأول) من أدرك التوحيد ببصيرته، ثم من هؤلاء فإن أهل الفترة (ثلاثة أقسام) (الأول) من أدرك التوحيد ببصيرته، ثم من هؤلاء من لم يدخل في شريعة كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل، ومنهم من دخل في شريعة حتى قائمة الرسم كتبع وقومه (القسم الثاني) من بدل وغير وأشرك ولم يوحد وشرع لنفسه فحلل وحرم، وهم الأكثر كعمرو بن لحيي أول من سن للعرب عبادة الأصنام وشرع الأحكام، فبحر البحيرة. وسيب السائبة. ووصل الوصيلة. وحمى الحامي، وزادت طائفة من العرب على ما شرعه أن عبدوا الجن والملائكة. وحرقوا البنين والبنات. واتخذوا بيتا جعلوا لها سدنة وحجابا يضاهون بها الكعبة كاللات والعزى ومناة (القسم الثالث) من لم يشرك ولم يوحد ولا دخل في شريعة نبي ولا ابتكر لنفسه شريعة ولا اخترع دينا بل بقي عمره على حال غفلة من هذا كله، وفي الجاهلية من كان كذلك، فإذا انقسم أهل الفترة إلى الثلاثة الأقسام فيحمل من صح تعذيبه على أهل القسم الثاني لكفرهم بما لا يعذرون به

الصفحة 167