كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
(وأما القسم الثالث) فهم أهل الفترة حقيقة وهم غير معذبين للقطع كما تقدم (وأما القسم الأول) فقد قال صلى الله عليه وسلم في كل من قس وزيد إنه يبعث أمة وحده (وأما تبع ونحوه) فحكمهم حكم أهل الدين الذين دخلوا فيه ما لم يلحق أحد منهم الإسلام الناسخ لكل دين أهـ ما أورده الأبي (المسلك الثاني) أنهما لم يثبت عنهما شرك، بل كانا على الحيفية دين جدهما إبراهيم عليه السلام كما كان على ذلك طائفة من العرب كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما، وهذا المسلك ذهبت إليه طائفة منهم الإمام فخر الدين الرازي فقال في كتابه أسرار التنزيل ما نصه، قيل إن آزر لم يكن والد إبراهيم بل كان عمه، واحتجوا عليه بوجوه (منها) إن آباء الأنبياء ما كانوا كفارا، ويدل عليه وجوه (منها) قوله تعالى "الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين" قيل معناه أنه كان ينقل نوره من ساجد إلى ساجد وبهذا التقدير فالآية دالة على أن جميع أباء محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مسلمين وحينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم ما كان من الكافرين إنما ذاك عمه، وأقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى "الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين" قبل معناه أنه كان ينقل نوره من ساجد إلى ساجد وبهذا التقدير فالآية دالة على أن جميع أباء محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مسلمين وحينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم ما كان من الكافرين إنما ذلك عمه، وأقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى "وتقلبك- في الساجدين" على وجوه أخرى، وإذا وردت الروايات بالكل ولا منافاة بينها وجب حمل الآية على الكل، ومتى صح ذلك ثبت أن والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان "ثم قال ومما يدل على أن أباء محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا مشركين" قوله عليه الصلاة والسلام "لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات" وقال تعالى "إنما المشركون نجس" فوجب أن لا يكون أحد من أجداده مشركا، هذا كلام الإمام فخر الدين الرازي بحروفه (المسلك الثالث) أن الله أحيا له أبويه حتى آمنا به، وهذا المسلك مال إليه طائفة كثيرة من حفاظ المحدثين وغيرهم، منهم ابن شاهين والحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي والسهيلي والقرطبي والمحب الطبري والعلامة ناصر الدين ابن المنير وغيرهم واستدلوا لذلك بما أخرحه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ، والخطيب البغدادي في السابق واللاحق، والدارقطني وابن عساكر كلاهما في غرائب مالك بسند ضعيف عن عائشة رضي الله عنها قالت "حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمر بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم فنزل فمكث عني طويلا، ثم عاد إلى وهو فرح مبتسم فقلت له، فقال ذهبت لقبر أمي فسألت الله أن يحييها فأحياها فآمنت بي وردها الله" هذا الحديث ضعيف باتفاق المحدثين، بل قيل إنه موضوع، لكن الصواب ضعفه لا وضعه؛ وقد ألفت في بيان ذلك جزء مفردا. وأورد السهيلي في الروض الأنف بسند قال إن فيه مجهولين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يحيى أبويه فأحياهما فآمنا به ثم أماتهما (وقال السهيلي) بعد إيراده، الله قادر على كل شيء، وليس تعجز رحمته وقدرته عن شيء، ونبيه صلى الله عليه وسلم أهل