كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
أن يختص بما شاء من كرامته (وقال القرطبي) لا تعارض بين حديث الأحياء وحديث النهي عن الاستغفار، فإن إحياءهما متأخر عن الاستغفار لهما بدليل حديث عائشة أن ذلك كان في حجة الوداع، لذلك جعله ابن شاهين ناسخا لما ذكر من الأخبار (وقال العلامة ناصر الدين ابن المنير) المالكي في كتاب (المقتفي. في شرف المصطفى) وقع لنبينا صلى الله عليه وسلم إحياء الموتى نظير ما وقع لعيسى بن مريم إلى أن قال وجاء في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما منع من الاستغفار للكفار دعا الله أن يحيى له أبويه فأحياهما له فآمنا به وصدقا وماتا مؤمنين (وقال القرطبي) فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل تتوالي ونتابع إلى حين مماتة فيكون هذا مما فضله الله به وأكرمه، قال، قال وليس إحياءهما وأيمانها به يمتنع عقلا ولا شرعا، فقد ورد في القرآن إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله، وكان عيسى عليه السلام أحيا الله على يديه جماعة من الموتى، قال وإذا ثبت هذا فلا يمتنع أن إيمانها بعد إحيائهما زيادة كرامة في فضيلته (وقال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس في سيرته بعد ذكر قصة الأحياء والأحاديث الواردة في التعذيب) وذكر بعض أهل العلم في الجمع بين هذه الروايات ما حاصله أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل راقيا في المقامات السنية صاعدا في الدرجات العلية إلى أن قبض الله روحه الطاهرة إليه، وأزلفه بما خصه به لديه من الكرامة حين القدوم عليه، فمن الجائز أن تكون هذه درحة حصلت له صلى الله عليه وسلم بعد أن لم تكن، وأن يكون الإحياء والإيمان متأخرا عن تلك الأحاديث فلا تعارض أهـ (وقال الحافظ) شمس بن ناصر الدين الدمشقي في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي صلى الله عليه وسلم بعد إيراد الحديث المكورة منشدا لنفسه
حبا الله النبي فضل على فضل وكان به رءوفا
فأحيا أمه وكذا أباه لإيمان به فضلا لطيفا
فسلم فالقديم بذا قدير وإن كان الحديث به ضعيفا أهـ
وجمع من العلماء لم تقو عندهم هذه المسالك فأبقوا حديثي مسلم ونحوهما على ظاهرها من غير عدول عنها بدعوى نسخ ولا غيره، ومع ذلك قالوا لا يجوز لأحد أن يذكر ذلك (قلت) حديثا مسلم المشار إليهما (أحدهما) حديث الباب المروي عن أبي هريرة في عدم الإذن له صلى الله عليه وسلم في الاستغفار لأمه، وتقدم الكلام عليه في الشرح (والثاني) ما رواه مسلم عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله اين أبي؟ قال في النار، قلما ففي دعاه، فقال إن أبي وأباك في النار" لم يتفق على ذكرها الرواة، وإنما ذكرهما حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، وهي الطريق التي رواها مسلم منها، وقد خالفه معمر عن ثابت فلم يذكر "إن أبي وأباك في النار" ولكن قاله له إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار، وهذا اللفظ لا دلاله فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمر البتة، وهو