كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

(3) باب النهي عن اتباع الجنازة بنار أو صياح أو نساء

(213) عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال مرت بنا جنازة
__________
وابن عمر. وأبو هريرة. والحسن بن علي. وابن الزبير. وأبو قتادة. وأبو أسيد رضي الله عنهم أن المشي أمام الجنازة أفضل مستدلين بحديث ابن عمر الرابع من أحاديث الباب، وهو حديث صحيح جزم بصحته ابن المنذر وابن حزم، وقال ابن المنذر ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال السنة في الجنازة أن يمشي أمامها (وقال أبو صالح) كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون أمام الجنازة ولأنهم شفعاء له والشفيع يتقدم المشفوع (وقال أبو حنيفة وأصحابه) وحكاه الترمذي عن سفيان الثوري وإسحاق، وحكاه صاحب البحر عن العترة أن المشي خلفها أفضل واستدلوا بحديث ابن مسعود المذكور في أحاديث الباب، وفي إسناده أبو ماجد الحنفي مجهول، وبحديث أبي هريرة الأخير من أحاديث الباب، وفي إسناده مجهولان، وبحديث علي رضي الله عنه وهو موقوف عليه، وربما كان له حكم الرفع لأن مثله لا يقال بالرأي وسنده جيد (وذهب أنس بن مالك) رضي الله عنه إلى أن المشي بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها سواء (اتفقوا) على أن المشي مع الجنازة أفضل من الركوب وعلى جواز الركوب بعد الانصراف بلا كراهة (واختلفوا) في الراكب هل يكون أمامها أو خلفها (فذهبت الشافعة) إلى أنه يكون أمامها كالماشي (وذهب الجمهور) إلى أنه يكون خلفها مستدلين بحديث المغيرة بن شعبة الثالث من أحاديث الباب وصححه ابن حبان والحاكم، وهذا مذهب قوي لولا ما يعارضه من حديث ثوبان المذكور في الزوائد من قوله صلى الله عليه وسلم "ألا تستحيون من ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب (وقد جمع العلماء) بين ذلك بأن قوله صلى الله عليه وسلم الراكب خلفها لا يدل على عدم الكراهة وإنما (يدل على الجواز فيكون الركوب جائزا مع الكراهة أو بأن إنكاره صلى الله عليه وسلم على من ركب، وتركه للركوب إنما كان لأجل مشي الملائكة، ومشيهم مع الجنازة التي مشي معها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستلزم مشيهم مع كل جنازة لإمكان أن يكون ذلك تبركا به صلى الله عليه وسلم فيكون الركوب على هذا جائزا غير مكروه والله أعلم (خلاصة القول في هذا الباب) أن المشي أمام الجنازة أفضل منه خلفها لقوة دليله، وأن الراكب يكون خلفها لحديث المغيرة ابن شعبة، وأن الركوب بعد الانصراف جائز بلا كراهة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما في حديث جابر بن سمرة، وأن المشي في الجميع أفضل من الركوب إلا لعذر، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(213) عن مجاهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النصر

الصفحة 19