كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

الفضة بالقيمة، فإذا كانت له مائة درهم وله ذهب قيمته مائة درهم وجبت الزكاة، قال وقال (مالك وأبو يوسف وأحمد) يضم أحدهما إلى الآخر بالأجزاء، فإذا كان معه مائة درهم وعشرة دنانير أو خمسون درهما وخمسة عشر دينارا ضم أحدهما إلى الآخر، ولو كان له مائة درهم وخمسة دنانير قيمتها مائة درهم فلا ضم، وحجة القائلين بعدم الضم مطلقا قوله صلى الله عليه وسلم "ليس فيما دون خمس آواق من الورق صدقة" (وفي حديث على المذكور في الزوائد) دليل على أنه بشترط تمام الحول في زكاة النقدين (قال النووي مذهبنا ومذهب مالك وأحمد) والجمهور أنه يشترط في المال الذي تجب الزكاة في عينه ويعتبر فيه الحول كالذهب والفضة والماشية وجود النصاب في جميع الحول، فإن نقص النصاب في لحظة من الحول انقطع الحول، والماشية وجود النصاب في جميع الحول من حين يكمل النصاب (وقال أبو حنيفة) المعتبر وجود النصاب في أول الحول وآخره، ولا يضر نقصه بينهما حتى لو كان معه مائتا درهم فتلفتت كلها في أثناء الحول إلا درهما أو أربعون شاة فتلفت في أثناء الحول إلا شاة ثم ملك في آخر الحول تمام المائتين وتمام الأربعين وجبت زكاة الجميع والله أعلم ج

(فائدة) نقل الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب أقوال بعض من سلف من فطاحل العلماء ومحققيهم في بيان الدرهم والدينار أحببت ذكرها لأهميتها قال رحمه الله

(فصل في بيان حقيقة الدينار والدرهم ومبدأ أمرهما في الإسلام وضبط مقدارهما)

قال الإمام أبو سليمان الخطابي في معالم السنن في أول كتاب البيع في باب "المكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة" (1) قال معنى الحديث أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة وزن أهل مكة، وهي دراهم الإسلام المعدلة منها العشرة بسبعة مثاقيل، لأن الدراهم مختلفة الأوزان في البلدان، فمنها البغلي وهو ثمانية دوانيق، والطبري أربعة دوانيق، ومنها الخوارزمي وغيرها من الأنواع، ودراهم الإسلام في جميع البلدان ستة دوانيق وهو وزن أهل مكة الجاري بينهم، وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عددا وقت قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل عليه قول عائشة رضي الله عنها في قصة شراها بريرة إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت، تريد الدراهم، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوزن وجعل العيار وزن أهل مكة، قال واختلفوا في حال الدراهم، فقال بعضهم لم تزل الدراهم على هذا العيار في الجاهلية والإسلام، وإنما غيروا السكك ونقشوها بسكة الإسلام، والأوقية أربعون
__________
(1) (قال النووي) هذا حديث رواه أبو داود والنسائي بأسانيد صحيحة على شرط البخاري ومسلم من رواية ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال أبو داود وروى من رواية ابن عباس رضي الله عنهما ذكره أبو داود في كتاب البيوع والنسائي في الزكاة اهـ ج

الصفحة 244