كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

مبلغا، وكان المعروف أن حامل الورقة متى طلب ذلك المبلغ دفع إليه من غير تأخير فكذلك أيضا، وإن كان مذكورا في الورقة أن مبلغها مدفوع أمانة فلا يخرج ذلك عن كون الورقة سند دين لما لا يختلف فيه أحد أن هذه الأمانات تتصرف فيها الحكومة بانواع التصرفات المغيرة لأعيانها وهذا إتلاف لها، فصارت الجكومة ضامنة لتلك الأمانات، وبهذا صارت دينا عليها وصار سند الأمانة في الحقيقة سند دين يأخذه وقت الطلب من بيده هذا السند، وما كان غير مكتوب عليه شيء وهو القليل جدا فمعروف من القوانين الخاصة بتلك الأوراق أن الجكومة التي أصدرت هذه الأوراق تدفع قيمتها من قدم إليها حامل الورقة وطلب قيمتها، فكل هذه الأوراق يما ذكر هي سندات ديون، ولذلك لو بحثنا عن ماهية كلمة (بنك نوت) لوجدناها من الاصطلاح الفرنسي، وقد نص لاروس وهو أكبر وأشهر قاموس للغة الفرنساوية الآن في تعريف أوراق ال بنك حيث قال "ورقة البنك هي ورقة عملة قابلة لدفع قيمتها عينا لدى الإطلاع لحاملها وهي يتعامل بها كما يتعامل بالعملة المعدنية نفسها. غير أنه ينبغي أن تكون مضمونة ليثق الناس بالتعامل بها" أهـ فقوله قابلة لدفع قيمتها عينا لدى الاطلاع لحاملها لم يجعل شكا في أنها سندات ديون، ولا عبرة بما توهمه عبارته من التعامل بها كما يتعامل بالعملة المعدنية، لأن معنى تلك العبارة الناس يأخذونها بدل العملة، ولكن مع ملاحظة أن قيمتها تدفع لحاملها وأنها مضمونة يدفع قيمتها، وهذا صريح في أن تلك الأوراق هي سندات ديون (ثم قال الحسيني رحمه الله) بقي أن المعاملة بهذه الأوراق إنما تخرج على قاعدة الحوالة لمن يجيز المعاملة بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة، والحوالة كالبيع، فمن يقول بصحة البيع بالمعاطاة يقول بصحة الحوالة بالمعاطاة، وذلك هو مذهب (السادة الحنفية والسادة المالكية والسادة الحنابلة) فإنهم يجيزون المعاملة بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة، وهناك قول وجيه في مذهب ÷السادة الشافعية) يجيز المعاملة بالمعاطاة، وأما أسهم الشركات وأوراق الديون المسماة بالبون، فإن المعاملة فيها لا يمكن تخريجها على قاعدة من قواعد الشرع، فإن تعامل أحد فحكمها حكم المقبوض بالعقود الفاسدة على الأصح، ومتى تلف ثمن الأوراق في يد بائعها يكون مثله أو قيمته باقيا على ملك مشتريها على تلك القاعدة وإن كانت من أسهم شركات تجارية ففيها زكاة التجارة وإلا إذا لم تكن أعمالها تجارية كشركة الترمواي والتليفون وما شابههما فلا زكاة إلا على المقبوض من المال منها إن حال عليه الحول، وكذلك يقال في سندات الديون التي يشتريها الأشخاص فمتى اعتبرها الشخص مملوكة له أي أنه مستحق للدين المكتوب في الورقة وجب عليه زكاة الدين كما مر، أما الربا المقبوض فلا يجوز أكله بحال من الأخوال، اللهم إلا أن بكون من مال الحربيين أو كان للشخص حق علىلحكومة بسبب ظلمها وأخذها الأموال

الصفحة 248