كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

.
__________
وهذا الحديث مرفوع، فهذه الصيغة معناها رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقرر في كتب الحديث والأصول، وقولها "ولم يعزم علينا" معناه نهانا نهيا شديدا غير محتم، ومعناه كراهة تنزيه ليس بحرام، وأما الحديث المروي عن علي رضي الله عنه قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا نسوة جلوس قال ما يجلسكن؟ قلن ننتظر الجنازة، قال هل تغسلن؟ قلن لا، قال هـ لتحملن؟ قلن لا، قال هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن لا، قال فارجعن مأزورات غير مأجورات" فرواه ابن ماجه بإسناد ضعيف من رواية إسماعيل بن سليمان الأزرق، ونقل ابن أبي حاتم تضعيفه عن أعلام هذا الفن، وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها ما أخرجك من بيتك (فذكر حديث فاطمة المذكور في أحاديث الباب ثم قال) فرواه أحمد بن حنبل وأبو داوود والنسائي بإسناد ضعيف "ثم قال" هذا الذي ذكرناه من كراهة ابتاع النسوة الجنازة (هو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء) حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأبي أمامة وعائشة ومسروق والحسن والنخعي والأوزاعي (وأحمد واسحق وبه قال الثوري) وعن أبي الدرداء والزهري وربيعة أنهم لم ينكروا ذلك (ولم يكرهه مالك إلا لشابة) وحكى العبدري عن مالك أنه يكره إلا أن يكون الميت ولدها أو والدها أو زوجها وكانت ممن يخرج مثلها لمثله "ثم قال" دليلنا حديث أم عطية أهـ (وقال القرطبي) ظاهر سياق أم عطية أن النهي نهي تنزيه وبه قال جمهور أهل العلم (ومال مالك إلى الجواز) وهو قول أهل المدينة، ويدل على الجواز ما رواه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة فرأي عمر امرأة فصاح فقال بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعها يا عمر- الحديث" (قلت بقيته فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب- هكذا في مصنف ابن أبي شيبة) قال وأخرجه ابن ماجة والنسائي من هذا الوجه، ومن طريق آخر عن محمد بن عمرو ابن عطاء عن سلمة بن الأزرق عن أبي هريرة ورجاله ثقات أهـ (قلت) وأخرجه أيضا من هذا الوجه الإمام أحمد إلا أنه كان في نساء اجتمعن يبكين لا في نساء اتبعن الجنازة كما صرح فيه بذلك، وتقدم في باب الرخصة في البكاء من غير نوح، والعمدة في أحاديث الباب حديث أم عطية، وهو وإن كان سياقه يدل على النهي فيه للتنزيه، إلا أن العلماء خصصوه بذلك الزمن حيث كان يباح لهن الخروج إلى المساجد والأعياد، ومع هذا فقد قالت عائشة رضي الله عنها "لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها" رواه الأمام أحمد وهذا لفظه، وتقدم رقم 1342 صحيفة 201 في الجزء الخامس، ورواه أيضا الشيخان وأبو داود والبيهقي، وهذا في نساء زمنها

الصفحة 25