كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

كانت صالحةً قالتْ قدِّموني (1) وإِنْ كانتْ غَيْرَ صَالحةٍ قَالَتْ يا وَيْلَهَا (2) أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِها يَسْمَعُ صَوْتَهَا كلُّ شَيء إلاَّ الإنسانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإنْسانُ لَصُعِقَ (3)
(199) عن عطاءٍ قال حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيه وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَرِفَ (4) قال فقال ابن عبَّاس هَذِهِ مَيْمُونَةُ
__________
أن يحدث الله النطق في الميت إذا شاء، قال وكلام ابن بطال فيما يظهر لي أصوب؛ وقال ابن بزيزة قوله في آخر الحديث يسمع صوتها كل شيء دال على أن ذلك بلسان القال لا بلسان الحال اهـ (1) إنّما تقول قدِّموني استعجالاً للخير الذي أمامها مما أعدَّه الله لها من الثواب العظيم والنعيم المقيم (2) هو دعاء بالويل يدعو به كل من وقع في الهلكة ومعاناه يا حزني وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملاً على المعنى كراهية أن يضيف الويل إلى نفسه أو كأنّه لما أبصر نفسه غير صالحة نفر عنها وجعلها كأنّها غيره، ويؤيد الأول ما في حديث أبي هريرة الآتي من قوله: (يا ويله أين تذهبون بي) فدلّ على أنَّ ذلك من تصرّف الرّواة. (3) أي لغشي عليه أو مات من شدة ما يسمعه، والضَّمير في يسمعه راجع إلى دعائه بالويل أي يصيح بصوت منكر لو سمعه الإنسان لغشي عليه، قال ابن بزيزة هو مختص بالميت الذي هو غير صالح، وأما الصالح فمن شأنه اللطف والرفق في كلامه فلا يناسب الصّعق من سماع كلامه اهـ (قال الحافظ) ويحتمل أن يحصل الصعق من سماع كلام الصالح لكونه غير مألوف، وقد روى أبو القاسم بن منده هذا الحديث في كتاب الأهوال بلفظ لو سمعه الإنسان لصعق من المحسن والمسيء، فإن كان المراد به المفعول دل على وجود الصعق عند سماع كلام الصالح أيضاً، وقد استشكل هذا مع ما ورد في حديث السؤال في القبر فيضربه ضربة فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلاّ الثقلين، والجامع بينهما كلام الميت والصيحة، والأول استثنى في الأنس فقط، والثاني استثنى فيه الجن والإنس، والجواب أن كلام الميت بما ذكر لا يقتضي وجود الصّعق وهو الفزع إلاّ من الآدمي لكونه لم يألف سماع كلام الميت بخلاف الجن في ذلك. وأما الصيحة التي يصيحها المضروب فإنها غير مألوفة للإنس والجن جميعاً لكون سببها عذب الله، ولا شيء أشد منه على كل مكلّف، فاشترك فيه الجن والإنس والله أعلم اهـ تخريجه (خ. نس. هق. وابن منده).
(199) ((عن عطاء (سنده) حدَّثَنا عبد الله حدَّثَني أبي ثنا جعفر بن عون ثنا ابن جريج عن عطاء - الحديث)) (غريبه) (4) بفتح السين وكسر الراء وبالفاء

الصفحة 4