كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
.
__________
بجنازة رجل من الأنصار فأثنى عليها خير، فقال وجبت، فقال يا رسول الله وما وجبت؟ قال الملائكة شهود الله في السماء وأنتم شهداء الله في الأرض، وموسى بن عبيدة مختلف فيه، بعضهم وثقة وبعضهم ضعفه، والله أعلم (وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات العبد والله يعلم منه شرا وتقول الناس، قال الله عز وجل لملائكته فقد قبلت شهادة عبادي على عبدي وغفرت له علمي فيه (بز) وفيه محمد بن عبد الرحمن العشيري وهو متروك الحديث، قال الهيثمي أيضا (وروى ابن أبي شيبة) قال حدثنا جرير عن عبدالعزيز عن خيثمة قال قال عبدالله انظروا الناس عند مضاجعهم، فإذا رأيتم العبد يموت على خير ما ترونه فأرجوا له الخير، وإن رأيتموه يموت على شر ما ترونه فخافوا عليه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من مات وشهد له اثنان فأكثر من المسلمين بالخير قبل الله شهادتهم وغفر له بسببها، وأن من شهد عليه اثنان فأكثر بالشر استحق العذاب بسببها، وقد اختلف العلماء في معنى ذلك، فقال الداودي المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة، لأتهم قد يثنون على من يكون مثلهم، ولا من بينه وبين الميت عداوة. لأن شهادة العدو لا تقبل أهـ. ونقل الطيبي عن بضع شراح المصابيح قال ليس معنى قوله أنتم شهداء الله في الأرض أي الذي يقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق الجنة من أهل النار بقولهم ولا العكس، بل معناه أن الذي أثنوا عليه خيرا رأوه منه كان ذلك علامة كونه من أهل الجنة وبالعكس. وتعقبه الطيبي بأن قوله وجبت بعد الثناء حكم عقب وصفا مناسبا فأشعر بالعلية، وكذا قوله أنتم شهداء الله في الأرض لأن الإضافة فيه للتشريف لأنهم بمنزلة عالية عند الله فهو كالتزكية للأمة بعد أداء شهادتهم فينبغي أن يكون لهاأثر، قال وإلى هذا يومي ثوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا - الآية" أهـ (وقال النووي رحمه الله) للعلماء في ذلك قولان (أحدهما) أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل. فكان ثناؤهم مطابقا لأفعاله فيكون من أهل الجنة فإن لم يكن كذلك فليس هو مرادا بالحديث (والثاني) وهو الصحيح المختار أنه على عمومه وإطلاقه، وأن كل مسلم فألهم الله تعالى الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، وإن لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تحتم عليه العقوبة، بل هو في خطر المشيئة. فإذا ألهم الله عز وجل الثناء عليه استدللنا بذلك على أنه سبحانه وتعالى قد شاء المغفرة له، وبهذا تظهر فائدة الثناء وقوله صلى الله عليه وسلم "وجبت وأنتم شهداء الله" ولو كان لا ينفعه ذلك إلا أن تكون أعماله تقتضيه لم يكن للثناء فائدة، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم له فائدة أهـ (قال الحافظ) وهذا في جانب الخير واضح