كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

__________
وأقره الذهبي (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم، أورده المنذري وقال رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه كلهم من رواية عمران بن أنس المكي عن عطاء عنه (وقال الترمذي) حديث غريب سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول عمران بن أنس منكر الحديث (قال المنذري) وتقدم حديث أم سلمة الصحيح قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا حضرتم الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون" أهـ (وعن مجاهد) قال قالت عائشة رضي الله عنها ما فعل بزيد بن قيس لعنه الله؟ قالوا قد مات؛ قات فاستغفر الله، فقالوا لما مالك لعنتيه ثم قلت استغفر الله؟ قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا، رواه ابن حبان في صحيحه وصححه ورواه (خ. نس. هق) والإمام أحمد بدون ذكر القصة وتقدم أول الباب، أما قصة يزيد بن قيس فسببها أن عليا رضي الله عنه أرسله في أيام وقعة الجمل برسالة إلى عائشة رضي الله عنها فلم ترد عليه جوابا فبلغها أن يزيد عاب عليها ذلك فكانت تلعنه، ثم لما بلغها موته نهت عن لعنه وقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن سب الأموات، أخرجه عمر ابن شبه في كتاب أخبار البصرة عن مجاهد (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها على عموم النهي عن سب الأموات مطلقا، ولكن هذا العموم مخصوص بأحاديث الباب السابق حيث قال صلى الله عليه وسلم عند ثنائهم بالخير وبالشر وجبت، وأنتم شهداء الله في الأرض ولم ينكر عليهم، ويحتمل أن اللام في الأموات عهدية، والمراد به المسلمون، لأن الكفار مما يتقرب إلى الله بسبهم، قاله الزين بن المنير (وقال القرطبي) في الكلام على حديث وجبت يحتمل أجوبة (الأول) أن الذي كان يحدث عنه بالشر كان مستظهرا بع فيكون من باب لا غيبة في فاسق، أو كان منافقا (ثانيها) يحمل النهي على ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه (ثالثها) يكون النهي العام متأخرا فيكون ناسخا وهذا ضعيف (وقال ابن رشيد ما محصله) إن السب ينقسم في حق الكفار وفي حق المسلمين، أما الكافر فيمنع إذا تأذى به الحي المسلم، وأما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك كأن يصير من قبيل الشهادة، وقد يجب في بعض المواضع، وقد يكون فيه مصلحة للميت كمن علم أنه أخذ ماله بشهادة زور ومات الشاهد، فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن علم أن ذلك المال يرد إلى صاحبه (قال الحافظ) والوجه عندي حمله على العموم إلا ما خصصه الدليل بل لقائل أن يمنع ما كان على جهة الشهادة وقصد التحذير لأنه يسمى سبا في اللغة أهـ (وقال ابن بطال) سب الأموات يجري مجرى الغيبة، فإن كان أغلب أحوال المرء الخير وقد تكون منه الفلتة فالاغتياب له ممنوع، وإن كان فاسقا معلنا فلا غيبة له فكذلك الميت، ويحتمل

الصفحة 51