كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
.
__________
إنه عبدك ابن عبدك نزل بك وأنت خير منزول به، ولا نعلم به إلا خيرا، وأنت أعلم به كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاغفر له ذنبه، ووضع له مدخله (وعن عاصم بن ضمرة) قال كان علي يقول عند المنام إذا نام، بسم الله، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقوله ويقوله إذا أدخل الرجل القبر (ش) ويجوز أن يدعو بأي لفظ كان والمأثور أفضل، وقد اتفق الأئمة على استحباب الدعاء هنا (وفيها أيضا) مشروعية أن يتولى الدفن الرجال سواء أكان الميت رجلا أم امرأة، لأنه يجتاج إلى بطش وقوة، والنساء ضعيفات لا قدرة لهن على ذلك، ولأن المرأة لو تولته لأدى إلى انكشاف بعض بدنها على مرأى من الرجال، وبدنها كله عورة، وقد منعهن النبي صلى الله عليه وسلم عن اتباع الجنازة وقال لهن على سبيل المثال الأنكار "هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن لا، قال فارجعهن مأزورات غير مأجورات" والأولى أن يدخل الرجل زوجته لما روى ابن شيبة قال حدثنا معاذ بن معاذ قال أخبرنا أشعث عن الحسن قال (يدخل الرجل قبر امرأته ويلي سفلتها) ثم محارمها، ثم الأقرب فالأقرب فإن لم يوجد فشيوخ الرجال وأصلحهم لأن أبا طلحة رضي الله عنه تولى دفن بنت النبي صلى الله عليه وسلم وهو أجنبي، ولكنه كان من صالحي الحاضرين، ولم يكن هناك محرم إلا النبي صلى الله عليه وسلم فلعله كان له عذر في نزول قبرها، وكذا زوجها عثمان رضي الله عنه، ومعلوم أنها كانت أختها فاطمة، وغيرها من محارمها وغيرهن هناك، فدل على أنه لا يدخل النساء في إدخال القبر والدفن (وقد ذهب إلى ذلك الشافعية والجمهور) وقالت الحنابلة: الأولى بذلك المحارم، ثم الزوج ثم صالح الناس وشيوخهم، واحتجوا بأن الزواج تزول زوجيته بموتها والقرابة باقية، وبحديث عبد الرحمن بن أبزي المذكور في الزوائد فإنه يفيد أن الأولى بإدخال المرأة قبرها من كان يدخل عليها في حياتها وهم المحارم، والله أعلم (وفيها أيضا) أنه يستحب لكل من على القبر أن يحثي عليه ثلاث حثيات من تراب بيديه جميعا من قبل رأسه بعد الفراغ من سد اللحد، قص عليه الشافعي في الأم (قال النووي) واتفق الأصحاب عليه، وممن صرح به شيخ الأصحاب الشيخ أبو حامد والمارودي والقاضي أبو الطيب وسليم الرازي والبغوي وصاحب العدة وآخرون (قال القاضي حسين والمتولي وآخرون) يستحب أن يقول في الحثية الأولى "منها خلقناكم" وفي الثانية "وفيها نعيدكم" وفي الثالثة "ومنها نخرجكم تارة أخرى" وقد يستدل له بحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال (لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) أهـ. وخالف في ذلك المكلية والحنابلة فقالوا لا يطلب ذكر الآية أو غيرها عند حثو التراب، ثم يهال عليه التراب بالمساحي (وفيها أيضا) استحباب بقاء المشيعين حتى يفرغ من دفنه لما ذكرنا في الزوائد من الآثار (ويستحب ايضا) انتظارهم بعد الدفن