كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

.
__________
وأبو هريرة. وأنس. وابن عباس. رضي الله عنهم وفصل آخرون، فقالت (الحنفية) تكره الصلاة في المقبرة إذا كان القبر بين يدي المصلي بحيث لو صلى صلاة الخاشعين وقع بصره عليه، أما إذا كان خلفه أو فوقه أو تحت ما هو واقف عليه فلا كراهة، وقيدوا الكراهة بأن لا يكون في المقبرة موضع أعد للصلاة لا نجاسة فيه ولا قذر وإلا فلا كراهة. وهذا في غير قبور الأنبياء، فلا تكره الصلاة عليها مطلقا (وقالت الشافعية) تكره الصلاة في المقبرة غير المنبوشة سواء أكانت القبور خلفه أو أمامه أو على يمينه أو شماله أو تحته إلا قبور الأنبياء والشهداء فإن الصلاة في المقبرة وهي ما احتوت على ثلاثة قبور فأكثر في أرض موقوفة للدفن باطلة مطلقا، أما إذا لم تحتو على ثلاثة بأن كان بها واحد أو اثنان فالصلاة فيها صحيحة بلا كراهة إن لم يستقبل القبر وإلا كره، وتقدم شيء من ذلك في أحكام الباب الأول من أبواب اجتناب النجاسة في الجزء الثالث؛ فارجع إليه إن شئت (ومنها أيضا) ما يستدل به على تحريم كسر عظم الميت، ويستفاد منه تكريم الآدمي حيا وميتا، وأن الميت يتأذى مما يتأذى به الحيي (ومنها أيضا) ما يستدل به على عدم جواز المشي بين القبور بالنعلين (قال الشوكاني) ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفرق بينهما وبين غيرهما قال وقال ابن حزم يجوز وطء القبور بالنعال التي ليست سبتية لحديث "إن الميت يسمع خفق نعالهم" وخصخ المنبع بالسبتية، وجعل هذا جمعا بين الحديثنين وهو وهم، لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على القبر أو بين القبور فلا معارضة أهـ (وقال النووي) المشهور في مذهبنا أن لا يكره المشي في المقابر بالنعلين فلا معارضة أهـ (وقال النووي) المشهور في مذهبنا أن لا يكره المشي في المقابر بالنعلين والخفين ومحوهما، مما صرح بذلك من أصحابنا الخطابي والعبدري وآخرون، ونقله العبدري عن مذهبنا ومذهب أكثر العلماء (وقال أحمد بن حنبل) رحمه الله يكره، وقال الحاوي يخلع نعليه لحديث بشير بن معبد الصحابي المعروف بأن الخصاصية، فذكر حديثه المذكور في الباب بلفظ "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم الحديث" قال وأجابوا عن الحديث الأول (يعني حديث ابن الخصاصية) بجوابين (أحدهما) وبه أجاب الخطابي أنه يشبه أنه كرههما لمعنى فيهما، لأن النعال السبتية هي لباس أهل الرقة والتنعم، فنهى عنهما لمافيهما من الخيلاء فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر على زي التواضع ولباس أهل الخشوع (والثاني) لعل كان فيهما نجاسة، قالوا وحملنا على تأويله الجمع بين الحديثين أهـ والله أعلم.

الصفحة 86