كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)
إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة
__________
ابن باب عن اسماعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله البجلي - الحديث" (غريبه) (1) يغني أنهم كانوا يعدون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعا من النياحة لما في ذلك من التثقيل عليهم وشغلهم مع ماهم فيه من اشتغال الخاطر بموت الميت، وما فيه من مخالفة السنة، لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعاما فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم (تخريجه) (جه) وإسناده صحيح، ورواه ابن ماجه من طريقين أحدهما على شرط البخاري، والثاني على شرط مسلم، وقول الصحابي كنا نعد كذا من كذا هو بمنزلة رواية اجماع الصحابة رضي الله عنهم أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني فحكمه الرفع، وعلى التقديرين فهو حجة (زوائد الباب) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا عقر في الإسلام. قال عبد الرزاق كانوا يعقرون عند القبر يعني ببقرة أو بشئ" رواه أبو داود والبيهقي، وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح (وروى سعيد بن منصور) في سننه أن جريرا وفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هـ ليناح على ميتكم؟ قال لا، قال فهل تجتمعون عند أهل الميت وتجعلون الطعام؟ قال نعم، قال ذلك النوح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صنع طعام لأهل الميت من أقاربه وجيرانه لأن أهل الميت جاءهم من الحزن ما يمنعهم عن تهيئة الطعام لأنفسهم فربما حصل لهم ضرر بذلك وهم لا يشعرون، فصنع الطعام لهم نوع من أنواع البر بالقريب والجار والعطف عليه، وفي ذلك أعظم تسلية لأهل الميت ومزيد أجر لفاعله (قال القارئ رحمه الله) والمراد طعام يشبعهم يومهم وليلتهم فإن الغالب أن الحزن الشاغل عن تناول الطعام لا يستمر أكثر من يوم، ثم إذا صنع لهم ما ذكر سن أن يلح عليهم في الأكل لئلا يضعفوا بتركه استحياء أو لفرط جزع أهـ (قلت) وهو قول الحنفية وبمثل ذلك قالت (الشافعية أيضا) قال النووي رحمه الله قال الشافعي في المختصر وأحب لقرابة الميت وجيرانه أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلتهم طعاما يشبعهم فإنه سنة وفعل أهل الخير، قال أصحابنا ويلح عليهم في الأكل أهـ. قال النووي (قال أصحابنا) رحمهم الله، ولو كان النساء بنحن لم يجز اتخاذ طعام لهن لأنه إعانة على المعصية أهـ ج، وبنحو ذلك (قالت المالكية والحنابلة) (وفيها أيضا) استحباب صنع التلبينة وإطعامها لأهل الميت لأنها تذهب ببعض الحزن كما في حديث عائشة وتقدم الكلام على ذلك في شرحه (واتفق الأئمة الأربعة) على كراهة صنع أهل الميت طعاما للناس يجتمعون عليه مستدلين بحديث جرير بن عبد الله المذكور في الباب وظاهره التحريم، لأن النياحة حرام، وقد عده الصحابة رضي الله عنهم من النياحة فهو حرام