كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[إهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسؤال ومبايعة الصحابة على عدمه]-
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمسًا، وأوثقني سبعًا، وأشهد الله على تسعًا (1) أن لا أخاف في الله لومه لائم، ثم قال أبو المثني قال أبو ذرك فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال هل لك إلى بيعة ولك الجنة؟ قلت نعم، قال وبسطت يدي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يشترط على أن لا تسأل الناس شيئًا (2) قلت نعم، قال ولا سوطك إن يسقك منك حتى تنزل إليه فتأخذه.
__________
(1) تكررت البيعة والموثق والشهادة هذه المرات كلها لأهمية هذه الخصلة لكونها أهم الخصال ولا يقدر على القيام بها إلا فحول الرجال، فإن من خشي الله تعالى ولم يبال بالخلق كان أحرص الناس على حقوق الله تعالى وانتشال أو أوامره واجتناب نواهية مع المراقبة والإخلاص، وهذا سبيل النجاح وعين الفلاح، قد وردت أحاديث عدة بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) بايع أبا ذكر على صال من الخبر كثيرة منها ما بلغ عدده حمسًا وما بلغ سبعًا، وهكذا، وسيأتي في باب الخماسيات من كتاب الأدب والمواعظ والحكم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ستة أيام، ثم أعقل يا أبا ذر ما أقل لك بعد، فلما كان اليوم السابع قال أصويك بتقوي الله في سر أمرك وعلانيته، وإذا أسأت فأحسن، ولا تسألن أحد شيئًا وإن سقط سوطك، ولا تقبض أمانة "وفي لفظ ولا تؤوينّ أمانة" ولا تقض بين اثنين، فلعل هذه الخصال الخمس مراده هنا والله أعلم، وقد جاء في حديث آخر عن أبى ذر سيأتي في باب السباعيات من كتاب المواعظ والحكم أيضًا قال أمرني خليلي بسبع، أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فرقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مرا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وإمرتي أن أكثر نم قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهم من كنز تحت العرش، فلعل هذه الخصال السبع مراده هنا أيضًا، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا والله أعلم بالمراد، نسأله الهداية إلى سبيل الرشاد آمين (3) النص على عدم السؤال في البيعة يدل على الاهتمام بشأنه وأن السؤال من أقبح الأعمال، وقد بالغ النبي (صلى الله عليه وسلم) في النهي عن بقوله لأبى ذر (ولا سوطك أن يسقط منك حتى تنزل إلي فتأخذه) لما في ذلك من المذلة والاستعانة بالمخلوق، نسأل الله عز وجل أن يغنينا عن خلقه وأن يلحظنا بعنايته وعطفه وكرمه ولطفه آمين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد.