كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[كلام العلماء في حكم السؤال والتعفف عن المسألة]-
(4) باب جواز قبول العطاء إذا كان من غير مسألة - وسؤال الصالحين إن كان ولا بد من السؤال
(166) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يعطيني العطاء (1)
__________
قال قلت له مالك لا تطلبه كما يطلب فلان وفلان؟ قال أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول" إن وراءكم عقبة كؤودا لا يجوزها المنقلون" فأنا أحب أن أتخفف لتلك العقبة، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات، وذكر هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلاً (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تغليظ العقاب على من أمكنه التكسب وتركه اتكالاً على السؤال (وفيه) تقبيح السؤال وإن خف أمره كمناولة السوط (وفيه أيضًا) تنفير الناس منه واهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمره، ولقد بلغ من اهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) به أنه كان يبايع الناس على تركه (وفيها أيضًا) الحث على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولوامتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها، وذلك لما يدخل على السائل من ذلك ومن ذلك الرد إذا لم يعط، ولم يدخل على المسئول من الضيق في ماله إن أعطي كل سائل (قال الإمام النووي) رحمه الله مقصود الباب وأحاديثه النهي عن السؤال، واتفق العلماء عليه إذ لم تكن ضرورة، واختلف أصحابنا في مسألة القادر على الكسب على وجهين، أصحهما أنه حرام لظاهر الأحاديث، والثاني حلال مع الكراهة بثلاثة شروط، أن لا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسئول، فإن فقد أحد هذه الشروط فهي حرام بالاتفاق والله أعلم أهـ.
(166) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدّثنا عبدا لله حدثني أبى ثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرنا السائب بن يزيد بن أخت نمر أن حويطب بن عبد العزي أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالاً فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ قال فقلت بلى، فقال عمر رضي الله عنه فما تريد إلى ذلك؟ قال قلت أن لي أفراسًا وأعبدا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين؛ فقال عمر رضي الله عنه فلا تفعل فإني قد كنت أردت الذي أردت، فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) لعمر كانت سبب العمالة كما في حديث ابن الساعدي وتقدم في باب العاملين على الزكاة رقم (94 صحيفة 55 وفيه أن عمر رضي الله عنه قال" فإني قد عملت على عهد رسول الله فعلمني" ولهذا قال الطحاوي ليس معني هذا الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال وليست هي من جهة الفقراء ولكن شيء من الحقوق، فلما

الصفحة 117