كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[سخاء النبي (صلى الله عليه وسلم) وكرمه وتلطفه بالسائل- وفضل التعفف عن المسألة والصبر]-
إليه) قالت فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لها يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عليك
(175) عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال جاء ناس من الأنصار فسألوه فأعطاهم (1) قال فجعل لا يسأله أحد منهم إلا أعطاه حتى نفد (2) ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده وما يكون عندنا من خير فلن ندخره عنكم (3) وإنه من يستعفف يعفه الله (4) ومن يستغن (5) ليغنه الله ومن يتصبر (6) يصبره الله، ولن تعطوا عطاء خيرًا أوسع من الصبر (7).
__________
التي أخرجتها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تحصي من الإحصاء وهو العد والحفظ، أي لا تعدي ما صدقت به من المال (فيحصي الله عليك) أي يمنع عنك الرزق ويقتر عليك، وقيل المعني لا تعدي ما أنفقته فتسكتثر به فيكون ذلك سببًا لانقطاع إنفاقك فيقطع الله عنك الرزق والله أعلم (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد.
(175) عن أبى سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أخبرني معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبى سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (1) عند مسلم وأبى داود فسألوه فأعداهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذانفد ما عنده قال ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم- الحديث (2) بكسر الفاء أي فرغ وفني المال الذي عنده (3) أي فلن أضن به عليكم وأحبسه، وفيه ما كان عليه (الصلاة والسلام) من السخاء وإنفاذ امر الله، وفيه إعطاء السائل مرتين والاعتذار إلى السائل والحض على التعفف، وفيه جواز السؤال للحاجة وإن كان لأولى تركه والصبر حتى يأتيه رزقه بغير مسألة (4) أي من يطلب من نفسه العفة عن السؤال (قال الطبي) أو يطلب العفة من الله فليس السين لمجرد التأكيد "يعفه الله) أي يجعله عفيفًا من الأعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي، يعني من قنع بأدنى قوت وترك السؤال تسهل عليه القناعة وهي كنز لا يفني (5) أي يظهر الغني بالاستغناء عن أمواله الناس والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنيًا من التعفف "يغنه الله" أي يجعله غنيًا أي بالقلب لأن الغني ليس بكثرة العرض، إنما الغني غني النفس كما في الحديث الصحيح (6) أي تطلب توفيق الصبر من الله أو يأمر نفسه بالصبر ويتحمل مشاقه (يصبره الله) بالتشديد أي يسهل عليه الصبر (7) أي أشرح للصدق من الصبر، وذلك لأن مقامه أعلى المقامات لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات نسألة تعالى أن يمن علينا بالصبر الجميل وأن يهدينا إلى سؤال السبيل (تخريجه) (ق. د. نس. مذ)