كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[حيل المتسولين الذين يسألون الناس إلحافًا في هذا العصر]-
(6) باب نهي المتصدق عن مشترى ما تصدق به
(178) عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه حمل على فرس (1)
__________
مهنة يتعيشون منها ويدخرون منها الأموال فتراهم يبتزون أموال الناس بأساليب غريب، وحيل عجيبة. ترى منهم الكهل والشاب والصبي والفتاة والمرضع والعجوز، فمنهم من يعصب عينيه ويمشي بعصاه على غير هدى ليفهم الناس أنه أعمى أو بعينيه رمد. ومنهم من يربط ساقه بفخذه ليوهم الناس أنه مقطوع الساق ويمشي على رجل واحدة مستندًا على عكازتين، ومنهم من يدعي إليكم والخرس فلا ينطق ويشير بيديه عند السؤال. وتراه في مكان آخر زلق اللسان أقوى من الشيطان. ولهم رؤساء وعرفاء ونحو ذلك، وهم جميعًا من أفسق الفساق لا يصلون ولا يصومون ولا يذكرون الله إلا عند السؤال لسلب الأموال. فهؤلاء مرتكبون لا يجوز لهم السؤال. ويحرم على الناس إعطاؤهم على كل حال؛ وأقوى دليل على كذب هذه الطائفة ما قامت به حكومتنا المصرية من إعداد دار فسيحة واسعة. فيها كل سبل الراحة جعلتها ملجأ لهؤلاء المتسولين الذين يدعون الفقر وطلب القوت الضروري. وخصصت جانبًا من المال ينفق على طعامهم وكسوتهم. وأدخلت عددًا كثيرًا منهم هذه الدار فلم ترق في نظرهم حتى أصحاب العاهات الحقيقي منهم وطلبوا الخروج منها فلم تجبهم الحكومة إلى طلبهم، ولما يئسوا من ذلك اتفقوا على أن يضرب بعضهم بعضًا وعلى أحداث غوغاء واضطراب في هذه الدار لتسرحهم الحكومة، وما ذلك إلا لكونهم يرون أن في خروجهم ربحًا من ابتزاز أموال الناس وإدخارها. أما دار الحكومة فليس فيها إل القوت والكسوة وهم لا يكتفون بذلك هداهم الله، فهذا دليل واضح على أنهم اتخذوا السؤال حرفة لجمع المال لا لفقر أو عاهة، نسأل الله السلامة.
(178) عن زيد بن أسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن زيد بن أسلم- الحديث" (غريبة) (1) أي حمل عليه رجلاً في سبيل الله والمعنى أنه ملكه له، ولذلك ساغ له بيعه، ومنهم من قال كان عمر حبسه أي جعله وفقاً في سبيل الله لكل من احتاجه. وإنما ساغ للرحل بيعه لأنه حصل فيه هزال عجز بسببه عن اللحاق بالخيل وضعف عن ذلك وانتهى إلى حالة عدم الانتفاع به، وأجاز ذلك ابن القاسم، لكن يرجح الأول قوله "لا تعد في صدقتك" ولو كان حبسًا لعلله به "والفرس يقع على الذكر والأنثى" فيقال هو الفرس وهي الفرس وتصغير الذكر فريس والأنثى فريسة على القياس وجمعت الفرس على غير لفظها فقيل خيل. وعلى لفظها فقيل ثلاثة أفراس بالهاء للذكور وثلاث

الصفحة 129