كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[مذاهب الأئمة في أحكام الباب]-
أمي كان عليها صوم شهرٍ فيجزئها أن أصوم عنها؟ قال نعم
__________
في الميراث. ففيه دلالة على أن ملك قريبا له عينا من الأعيان صدقة أو هبة أو بيعا ثم مات القريب بعد ذلك فللمتصدق أو الواهب أن يتملك تلك العين بطريق الميراث إن كان وارثا. وسيأتي الكلام على بقيته في الأحكام (تخريجه) (م. والأربعة) (الأحكام) أحاديث الباب فيها دليل على كراهة الرجوع عن الصدقة وأن شراءها برخص نوع من الرجوع فيكون مكروها (قال ابن بطال) كره أكثر العلماء شراء الرجل صدقته لحديث عمر رضي الله عنه (وهو قول مالك والكوفيين والشافعي) وسواء كانت الصدقة فرضا أو تطوعا؛ فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخ بيعه وأولى به التنزه عنها، وكذا قولهم فيما يخرجه المكفر في كفارة اليمين (وقال النووي) في النهي الوارد في حديثي عمر وابنه، هذا نهى تنزيه لاتحريم فيكره لمن تصدق بشيء أو أخرجه في زكاة أو كفارة نذر ونحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه أو يهبه أو يتملكه باختياره، فأما إذا ورثه منه فلا كراهة فيه، قال وكذا لو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور أهـ (قلت) لكن كرهه الأمام مالك، قال يحيي سئل مالك عن رجل تصدق بصدقة فوجدها مع غير الذي تصدق بها عليه تباع أيشتريها؟ فقال تركها أحب إلي، قال الزرقاني إذ لا فرق بين اشترائها من نفس من تصدق بها عليه أو من غيره في المعنى لرجوعه فيما تركه لله تعالى كما حرم الله على المهاجرين سكنى مكة بعد هجرتهم منها لله عز وجل. ولا يفسخ البيع إن وقع مع من أن النهي يقتضى الفساد للأجماع على ثبوت البيع كما قال ابن المنذر (قال ابن عبد البر) لاحتمال أن أحاديث الباب على التنزيه وقطع الذريعة أهـ (وقال ابن المنذر) رخص في شراء الصدقة الحسن وعكرمة وربيعة والأوزاعي، قال ابن القصار قال قوم لا يجوز لأحد أن يشترى صدقته ويفسخ البيع ولم يذكر قائل ذلك. وكأنه يريد به أهل الظاهر، وأجمعوا أن من تصدق بصدقة ثم ورثها أنها حلال له، والدليل على ذلك حديث بريدة المذكور في الباب (قال ابن التين) وشذت فرقة من أهل الظاهر فكرهت أخذها بالميراث ورأوه من باب الرجوع في الصدقة وهو سهو لأنها تدخل قهرًا، وإنما كره شراؤها لئلا يحابيه المصدق بها عليه فيصير عائدا في بعض صدقته (وقال جماعة من العلماء) كان عمر رضي الله عنه لا يكره أن يشترى الرجل صدقته إذا خرجت من يد صاحبها إلى غيره، رواه الحسن عنه وقال به هو وابن سيرين (وفي حديث بريدة) دليل على أنه من رجعت إليه صدقته بالميراث لا كراهة في تملكها (وفيه أيضا) دلالة على أنه يجزئ عن الميت صيان وليه عنه إذا مات وعليه صوم واجب وإن لم