كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[مذاهب الأئمة في وجوب زكاة الفطر وعلى من تجب]-
.....
__________
لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب فالحمل عليه أولى، ويؤيده تسميتها زكاة وقوله في الحديث "على كل حر وعبد" والتصريح بالأمر بها في حديث قيس بن سعد وغيره ولدخولها في عموم قوله تعالى" وأتوا الزكاة" فبين صلى الله عليه وسلم تفاصيل ذلك وجملتها. ومن جملتها زكاة الفطر، وقال الله سبحانه وتعالى "قد أفلح من تزكى" وثبت أنها نزلت في زكاة الفطر أهـ (قلت) ثبت ذلك في صحيح ابن خزيمة. وظاهر قوله "على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين" وجوبها على الغنى والفقير، أي الذي لم يملك النصاب، بل ورد ذلك صريحا في حديث أبي هريرة الآتي في الباب التالي، وفي حديث ثعلبة بن أبي صعير عند الدراقطني. وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) بشرط أن يكون ذلك فاضلا عن قوته وقوت من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته (وخالف الحنفية) فقالوا لا تجب إلا على من ملك نصابا، ومقتضاه أنها لا تجب على الفقير على قاعدتهم في الفرق بين الغنى والفقير، واستدل لهم بحديث أبي هريرة المتقدم في باب ما جاء في اليد العليا واليد السفلى رقم 149 صحيفة 103 وقال ابن بزيزة لم يدل دليل على اعتبار النصاب فيها، لأنها زكاة بدنية لا مالية "وفي قوله ذكر أو أنثى" حجة لأبي حنيفة والكوفيين في أنها تجب على الزوجة في نفسها ويلزمها إخراجها من مالها، وعند الأئمة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) يلزم الزوج فطرة زوجته لأنها تابعة للنفقة "وفي قوله من المسلمين" دلالة على أنها لا تخرج إلا عن مسلم، فلا يلزمه من عبده وزوجته وولده ووالده الكفار وإن وجبت عليه نفقتهم، وهذا مذهب الأئمة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) وقال الإمام أبو حنيفة والكوفيون وإسحاق وبعض السلف تجب عن العبد الكافر، وتأول الطحاوي قوله من المسلمين على أن المراد بقوله من المسلمين السادة دون العبيد، وهذا يرده ظاهر الحديث، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر. وأجاب الجمهور بأنه يبني عموم قوله في عبده على خصوص قوله من المسلمين في حديث البا، ولا يخفى أن قوله من المسلمين أعم من قوله في عبده من وجه. وأخص من وجه. فتخصيص أحدهما بالآخر تحكم، ولكنه يؤيد اعتبار الإسلام ما عند مسلم بلفظ "على كل نفس من المسلمين حر أو عبد" وظاهر الحديث عدم الفرق بين أهل البادية وغيرهم وإليه ذهب الجمهور؛ وقال الزهري وربيعة والليث إن زكاة الفطر تختص بالأمصار والقرى ولا تجب على أهل البادية، وفي قوله "صدقة الفطرة على الصغير والكبير" دلالة على وجوب إخراجها عن الصبي، وقد اختلف العلماء في ذاك، فحكى النووي رحمه الله عن الجمهور أنه يجب إخراجها لقوله في الحديث "صغير أو كبير" وتعلق من لم يوجبها بأنها تطهير والصبي ليس محتاجا إلى التطهير لعدم الآثم. قال وأجاب الجمهور عن هذا بأن التعليل بالتطهير لغالب الناس ولا يمتنع

الصفحة 137