كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[مذاهب العلماء في الأصناف التي تجزئ في زكاة الفطر - ومن قال بجواز إخراج القيمة]-
.....
__________
(أما الأمر الأول) وهو معرفة أصنافها فقد جاء في أحاديث الباب مع ما أوردناه من الزوائد ثمانية أصناف، القمح. والشعير. والتمر. والزبيب. والأقط. والسلت. والدقيق. والسويق وقد اتفق الأئمة على جواز إخراجها من ستة أصناف، منها وهي القمح والشعير والتمر والزبيب والأقط والسلت، واختلفوا في الدقيق والسويق فذهب الأمامان (مالك وأصحابه والشافعي) وأكثر العلماء إلى عدم جواز إخراجها منهما لحديث ابن عمر ولأنهما لم يذكرا في الأحاديث الصحيحة، ولأن منافعهما قد نقصت، والنص ورد في الحب وهو يصلح لما لا يصلح له الدقيق، قالوا والأحاديث التي فيها ذكر الدقيق لا تصلح للاحتجاج بها، وقال الأمامان (أبو حنيفة وأحمد) يجزآن أصلا بأنفسهما، وبه قال الأنماطي من أئمة الشافعية عملا بالأحاديث الواردة فيها، وهي وإن كانت فيها مقال إلا أنها لكثرة طرقها يعضد بعضها بعضًا (واعلم) أن النص على هذه الأصناف لا ينافي جواز إخراج غيرها إذا تعين قوتا بل قالت (الشافعية) كل ما يجب فيه العشر فهو صالح لإخراج الفطرة منه كالارز والذرة والدخن والحمص والعدس والفول وغير ذلك (وقالت الحنابلة) من كل حبة وثمرة تقتات، فإن توفرت هذه الأصناف جميعها وكانت قوتا فالمنصوص عليه أفضل (وقالت الحنابلة أيضا) من قدر على التمر أو الزبيب أو البر أو الشعير أو الاقط فأخرج غيره لم يجزه. وقاس المالكية على الأصناف المنصوص عليها كل ما هو عيش أهل كل بلد من القطاني وغيرها (وعن مالك) قول آخر أنه لا يجزئ غير المنصوص في الحديث وما في معناه * (ولا يجوز إخراج القيمة) * إلا عند أبي حنيفة وقول للمالكية مع الكراهة. وإخراج التمر في الفطرة أفضل عند الأمامين * (مالك وأحمد، وقال الأمام الشافعي) * البر أفضل * (وقال الأمام أبو حنيفة) * أفضل ذلك أكثره قيمة (الأمر الثاني) وهو مقدار ما يجب على الشخص الواحد. اعلم أرشدني الله وإياك إن أحاديث الباب الصحيحة المرفوعة قد دلت على أن الواجب من هذه الأصناف المتقدمة في الفطرة صاع لا فرق بين القمح والزبيب وغيرهما، وبه قال الأئمة * (مالك والشافعي) * وأحمد والهادي والقاسم والناصر والجمهور. وهو قول أبي سعيد وأبي العالية وأبي الشعناء والحسن البصري وجابر بن زيد (وقال أبو حنيفة) وأصحابه وزيد بن علي يجزئ نصف صاع من بر وصاع من غيره وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وابن عباس وابن الزبير، واستدلوا بالأحاديث التي ورد فيها نصف صاع من أحاديث الباب وزوائده * (وروى عن أبي حنيفة) * أنه قال يكفي من الزبيب نصف صاع كالحنطة لكنه مردود بأحاديث الباب ونحوها الدالة على أن الزبيب لا يكفي منه إلا صاع، ولذا اختاره أبو يوسف ومحمد به ويفتى عندهم، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضا

الصفحة 147