كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[مذاهب الأئمة في مقدار ما يجزئ بالكل والوزن - وما جاء في الصاع]-
....
__________
من برأ وقمح عن كل اثنين" وأخرج سفيان الثوري في جامعه عن علي عليه السلام موقوفا بلفظ "نصف صاع بر" وهذه تنتهض بمجموعها للتخصيص. والله أعلم * (الأمر الثالث) * تحرير المكيال الذي يكال به؛ وقد جاء ذلك مبينا بالوزن في قصة إسحاق بن سليمان الرازي مع الأمام مالك رحمهما الله. وتقدمت في الزوائد، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمد الذي يقتات به أهل المدينة، رواه الحاكم وابن خزيمة (قال الشوكاني) وللبخاري عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعطي زكاة رمضان عند النبي صلى الله عليه وسلم بالمد الأول ولم يختلف أهل المدينة في الصاع وقدره من لدن الصحابة إلى يومنا هذا أنه كما قال أهل الحجاز خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وقال العراقيون منهم أبو حنيفة إنه ثمانية أرطال؛ وهو قول مردود لدفعه هذه القصة المسندة إلى صيعان الصحابة التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم "يعني قصة مال مع إسحاق بن سليمان" وقد رجع أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة بعد هذه الواقعة إلى قول مالك وترك قول أبي حنيفة أهـ (قال ابن قدامة) في المغنى وقد روى جماعة عن أحمد أنه قال الصاع وزنته فوجدته خمسة أرطال وثلثا حنطة، وقال حنبل قال أحمد أخذت الصاع من أبي النضر، وقال أبو النضر أخذته من ابن أبي ذؤيب وقال هذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعرف بالمدينة (قال أبو عبد الله فأخذنا العدس فعيرنا به وهو أصلح ما وقفنا عليه يكال به، لأنه لا يتجافى عن موضعه فكلنا به ثم وزناه فإذا هو خمسة أرطال وثلث، وقال هذا أصلح ما وقفنا عليه وما تبين لنا من صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الصاع خمسة أرطال وثلثا من البر والعدس وهما من أثقل الحبوب فما عداهما من أجناس الفطرة أخف منهما؛ فإذا أخرج منهما خمسة أرطال وثلثا فهي أكثر من صاع أهـ (وقال النووي رحمه الله) اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أن الواجب في الفطرة عن كل إنسان صاع بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي من أي جنس أخرجه سواء الحنطة وغيرها، ورطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهما على الأصح. قال صاحب الشامل وغيره الأصل فيه الكيل، وإنما قدره العلماء بالوزن استظهارًا (قلت) قد يستشكل ضبط الصاع بالأرطال فإن الصاع المخرج به في زمان رسول الله مكيال معروف، ويختلف قدره وزنا باختلاف ما يوضع فيه كالذرة والحمص وغيرهما، فإن أوزان هذه مختلفة. وقد تكلم جماعات من العلماء في هذه المسألة، فأحسنهم فيها كلاما الأمام أبو الفرج الدارمي من أصحابنا فإنه صنف فيها مسألة مستقلة، وكان كثير الاعتناء بتحقيق أمثال هذه، ومختصر كلامه أن الصواب أن الاعتماد في ذلك على الكيل دون الوزن، وأن الواجب إخراج صاع معاير بالصاع الذي

الصفحة 149