كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[حديث من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها الخ]-
يتهلَّل (1) وجهه يعنى كأنَّه مذهبةٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سنَّ فى الإسلام سنَّةً حسنةً (2) فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينتقص من أجورهم شيءٌ، ومن سنَّ فى الإسلام سنَّةً سيِّئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها
__________
فالفتح هنا أولى لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية (1) أى يستنير فرحا وسرورًا "وقوله مذهبة" قال النووى ضبطوه بوجهين أحدهما وهو المشهور. وبه جزم القاضى والجمهور مذهبة بذال معجمة وفتح الهاء وبعدها باء موحدة (والثانى) ولم يذكر الحميدى فى الجمع بين الصحيحين غيره "مدهنة" بدال مهملة وضم الهاء وبعدها نون، وشرحه الحميدى فى كتاب غريب الجمع بين الصحيحين فقال هو وغيره ممن فسر هذه الرواية ان صحت المدهن الاناء الذى يدهن فيه؛ وهو أيضا اسم للنقرة فى الجبل التى يستجمع فيها ماء المطر فشبه صفاء وجهه الكريم بصفاء هذا الماء وبصفاء الدهن والمدهن (وقال القاضى عياض) فى المشارق وغيره من الأئمة هذا تصحيف وهو بالذال المعجمة والباء الموحدة، وهو المعروف فى الروايات، وعلى هذا ذكر القاضى وجهين فى تفسيره (أحدهما) معناه فضة مذهبة فهو أبلغ فى حسن الوجه وإشراقه (والثانى) شبهه فى حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود وجمعها مذاهب، وهى شاء كانت العرب تضعه من جلود وتجعل فيه خطوطا مذهبة يرى بعضها أثر بعض. وأما سبب سروره صلى الله عليه وسلم ففرحا بمبادرة المسلمين الى طاعة الله تعالى وبذل أموالهم لله وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين وشفقة المسلمين بعضهم على بعض وتعاونهم على البر والتقوى. وينبغى للأنسان اذا رأى شيئا من هذا القبيل أن يفرح ويظهر سروره ويكون فرحه لما ذكرناه اهـ. (2) هى كل عمل صالح فعله الأنسان واقتدى به غيره ففعل مثل فعله فيكون للفاعل الأول مثل أجور من اقتدوا به فى هذا العمل الصالح مهما كثر عددهم ما دام العمل مستمرا من غير أن ينقص من أجورهم شاء "ويقال مثل ذلك فيمن سن سنة سيئة" وهى كل عمل قبيح لا يرضى الله ويخالف أوامر الدين فانّ على الفاعل الأول مثل أوزار من قلده فى هذا العمل وعمل به ما دام العمل مستمرا قال الله تعالى {وليحملنَّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألنّ يوم القيامة عما كانوا يفترون} ففيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات والتحذير من اختراع الاباطيل والمستقبحات، وسبب هذا الكلام فى هذا الحديث أنه قال فى أوله فجاء رجل من الانصار بصرّة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت. ثم تتابع الناس الخ. وكان الفضل العظيم

الصفحة 154