كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[بيان أن ما تصدق به الإنسان هو الباقي له - وأن ما بخل به لا حظ له فيه]-
صلى الله عليه وسلم أيُّكم مال وارثه أحبُّ إليه من ماله? (1) قال قالوا يا رسول الله ما منَّا أحدٌ إلَّا ماله أحبُّ إليه من مال وارثه، قال اعلموا أنَّه ليس منكم أحدٌ إلَّا مال وارثه أحبُّ إليه من ماله (2) ما لك من مالك إلَّا ما قدَّمت، ومال وارثك ما أخَّرت
(206) عن عائشة رضى الله عنها أنَّهم ذبحوا شاةً، قلت يا رسول الله ما بقى إلَّا كتفها (3) قال كلُّها قد بقى إلَّا كتفها؟
(207) وعنها أيضًا أنَّها سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن شاءٍ من أمر الصَّدقة
__________
(غريبه) (1) معناه أن الذى يخلفه الأنسان من المال وإن كان هو فى الحال منسوبا اليه فهو باعتبار انتقاله الى وارثه يكون منسوبا للوارث، فنسبته للمالك فى حياته حقيقية، ونسبته للوارث فى حياة الموروث مجازية ومن بعد موته حقيقية (2) أى باعتبار ما جبل عليه الأنسان من حب المال وبخله بانفاقه، فكأنه بفعله هذا يصير مال وارثه أحب اليه من ماله، وذلك لجهله بفائدة ما يقدمه من ماله فى سبل الخير، وقد بين ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله "ما لك من مالك" أى لا ينفعك من مالك ولا ينسب اليك حقيقة "إلا ما قدمت" أى الا الذى أنفقته مدة حياتك فى سبل الخير "ومال وارثك" هو الذى بخلت به على نفسك وتركته للوارث فصار ملكا له، وفى هذا الحث على تقديم ما يمكن تقديمه من المال فى وجوه المبرات وأنواع القربات فى هذه الدار الفانية لينتفع به فى الدار الباقية (تخريجه) (خ. نس)
(206) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن سفيان عن أبى اسحاق عن أبى ميسرة عن عائشة (غريبه) (3) رواية الترمذى "أنهم ذبحوا شاة فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما بقى منها؟ " بصيغة الاستفهام توطئه لما سيذكره بعد، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم تصدق بالشاة بعد ذبحها ولم يبق منها لأهل بيته إلا كتفها، وهو مقدم الشاة مع الرأس والعنق، وهذا قليل بالنسبة لما تصدق به، فقال لعائشة رضى الله عنها "ما بقى منها؟ " فقالت "ما بقى إلا كتفها" فقال صلى الله عليه وسلم "كلها قد بقى إلا كتفها" يعنى أن ما خرج للصدقة هو الباقى حقيقة يثاب عليه الأنسان ويكتسب بسببه جزيل الأجر قال تعالى {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن صحيح
(207) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد الزبيري