كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[الحث على الصدقة ولو بالقليل من القليل - ومواساة ابن السبيل]-
فذكرت شيئًا قليلًا (1) فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أعطى ولا توعى (2) فيوعى عليك
(208) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجلٍ يصرف راحلته فى نواحى القوم (3) فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من كان عنده فضلٌ من ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضلٌ من زادٍ (4) فليعد به على من لا زاد له حتَّى رأينا أن لا حقَّ لأحد منَّا في فضل (5)
__________
ثنا محمد بن شريك عن ابن أبى مليكة عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) يعنى أن الموجود عندها شيء قليل لا يتحمل أن تتصدق منه (2) أى لا تجمعى وتشحى بالصدقة فيشح عليك وتجازى بتضييق رزقك (تخريجه) (د. نس) بألفاظ مختلفة وسنده جيد، وله شاهد عند الشيخين والأمام أحمد والنسائى من حديث أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها "أنها جاءت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبى الله ليس لى شاء إلا ما أدخل علىّ الزبير فهل علىّ جناح أن أرضخ مما يدخل على؟ فقال ارضخى ما استطعت ولا توعى فيوعى الله عليك" وقوله "ارضخى ما استطعت" أى أعطى القليل الذى جرت العادة بأعطائه
(208) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا أبو الأشهب عن ابي نضرة عن أبي سعيد- الحديث" (غريبه) (3) لفظ مسلم يصرف بصره يمينا وشمالا، ولفظ أبى داود يصرف راحلته كما هنا ولا منافاة فى ذلك، لأن الجمع ممكن بأنه كان يصرف راحلته فى نواحى القوم؛ ثم ينظر يمينا وشمالا أى متعرضا لشاء يدفع به حاجته، فأدرك النبى صلى الله عليه وسلم ذلك منه وعلم أنه من أبناء السبيل، فقال للناس على سبيل التعريض "من كان عنده فضل من ظهر" يعنى بعيرا أو فرسًا أو نحو ذلك فاضلا عن حاجته "فليعد به على من لا ظهر له" أى فليعطه إياه (4) يعنى شيئا من الزاد فاضلا عن حاجته فليعطه من لا زاد له (5) يريد أن كلامه صلى الله عليه وسلم أثر فيهم حتى ظنوا أنهم جميعا شركاء فيما يملكون لا فضل لأحد منهم دون الآخر (تخريجه) (م. د وغيرهما) (الأحكام) أحاديث الباب فيها الحث على الصدقة والأنفاق فى سبل الخير وأن الباداء بالصدقة إذا اقتدى به غيره وفعل مثل فعله كان للباداء مثل أجر من اقتدى به لا ينقص من أجره شاء (وفيها) أن الصدقة تنفع صاحبها وإن قلَّت وإن كانت بشق تمرة (وفيها) أن المؤمن يستظل يوم القيامة بظل صدقته (وفيها) أن الملائكة تدعو للمتصدق بالخلف على الممسك بالتلف، ودعاء الملائكة مستجاب لا شك فى ذلك (وفيها) التحذير من

الصفحة 162