كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[كلام العلماء في فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار فى رمضان هل مجاز أو حقيقة]-
(24) عن عرفجة (1) قال كنت عند عتبة بن فرقد (2) وهو يحدِّث عن رمضان قال فدخل علينا رجلٌ من أصحاب محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فلما رآه عتبة هابه فسكت (3) قال فحدِّث عن رمضان، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى رمضان تغلق أبواب النَّار وتفتح فيه أبواب الجنَّة (4) وتصفَّد فيه الشَّياطين، قال وينادى فيه ملكٌ (5) يا باغى الخير أبشر، ويا باغى الشَّرِّ أقصر، حتَّى ينقضي رمضان
__________
(24) عن عرفجة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبيدة بن حميد أبو عبد الرحمن حدثنى عطاء بن السائب عن عرفجة - الحديث (غريبه) (1) هو ابن عبد الله الثقفى (2) قال فى الاصابة عتبة بن فرقد بن يربوع السلمى صحابي له حديث عداده فى الكوفيين. وعنه قيس بن أبى حازم (3) لم يذكر اسم الصحابى الذى دخل على عتبة، والظاهر أنه كان يمتاز عن عتبة إما بكبر سنه. أو غزارة علمه. أو قدم صحبته. ولذا هابه عتبة عندما رآه وسكت، وهذا من حسن الأدب ومكارم الأخلاق (4) قال بعض العلماء إنما تفتح أبواب الجنة ليعظم الرجاء ويكثر العمل وتتعلق بها الهمم ويتشوق اليها الصابرون، وتغلق أبواب النار لتخزى الشياطين ونقل المعاصى ويصد بالحسنات فى وجوه السيئات، وقال بعضهم إن معنى قوله فتحت أبواب الجنة كثرت الطاعات وغلقت أبواب النار وانقطعت المعاصى أو قلت، وحمل ذكر الأبواب فى الوجهين على سبيل المجاز والتمثيل (قال الأمام أبو بكر بن العربى) رحمه الله وهذا مجاز جائز لا يقطع الحقيقة ولا يعارضها، وكلا المعنيين صحيحان موجودان والحمد لله اهـ "وقوله وتصفد" بضم أوله وفتح الصاد المهملة بعدها فاء ثقيلة مفتوحة. أى شدت بالأصفاد وهى الأغلال، وهو بمعنى سلسلت فى بعض الروايات (5) (إن قيل) ما فائدة هذا النداء وهو غير مسموع (فالجواب) أنه قد علم الناس بهذا النداء بأخبار الصادق وبه يحصل المطلوب بأن يتذكر الناس كل ليلة بأنها ليلة المناداة فيتعظ بها "وقوله يا باغى الخير أقبل "معناه يا طالب الخير أقبل على فعل الخير فهذا أوانك فانك تعطى الجزيل بالعمل القليل، أو معناه يا طالب الخير المعرض عنا وعن طاعتنا أقبل الينا وعلى عبادتنا فان الخير كله تحت قدرتنا "ويا باغى الشر أقصر" بفتح الهمزة وكسر الصاد المهملة أى ما مريد المعصية أمسك عن المعاصى وارجع الى الله، فهذا أوان قبول النبوة وزمان استعددا المغفرة، قال فى االمرقاة ولعل طاعة المطيعين وتوبة المذنبين ورجوع المقصرين فى رمضان من أثر النداءين ونتيجة اقبال الله تعالى على الطالبين، ولهذا

الصفحة 227