كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[الدليل على وجوب الصيام من كتاب الله عز وجل]-
وقال يزيد فصام سبعة عشر شهرًا من ربيع الأول إلى رمضان (1) من كلِّ شهرٍ ثلاثة أيامٍ (2) وصام يوم عاشوراء (3) ثمَّ إنَّ الله عزَّ وجلَّ فرض عليه الصِّيام (4) فأنزل الله عزَّ وجلَّ {يا أيُّها الَّذين آمنوا كتب عليكم الصِّيام كما كتب على الَّذين من قبلكم} (إلى هذه الآية) وعلى الَّذين يطيقونه فديةٌ طعام
__________
من شهر ربيع الأول. قيل لثنتى عشرة منه. وقيل ثمان، وذلك فى شهر أيلول (1) يعني إلى أن زل فرض صيام رمضان وكان ذلك فى السنة الثانية من الهجرة، روى الواقدى عن عائشة وابن عمر وأبي سعيد الحدرى قالوا زل فرض شهر رمضان بعد ما حولت القبلة الى الكعبة بشهر فى شعبان (2) قيل من كل عشرة أيام يوما، وقد روى أن الصيام فرض علينا أولا كما كان عليه الأم قبلنا من كل شهر ثلاثة أيام عن معاذ وابن مسعود وابن عباس وعطاء وقتادة والضحاك بن مزاحم، وزاد لم يزل هذا مشروعا من زمان نوح الى أن نسخ الله ذلك بصيام شهر رمضان (3) روى الشيخان والأمام أحمد عن عائشة رضى الله عنها قالت كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش فى الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فرض رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه، يستفاد منه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر الناس بصيام يوم عاشوراء إلا بعد قدومه المدينة واختلف فى صومه هل كان فرضا أم تفلا، فذهب قوم إلى أنه كان فرضا، فلما فرض صوم رمضان نسخ افتراضه وبقي مستحبًا. وذهب آخرون الى أنه كان نفلا مؤكدا، فلما فرض صوم رمضان خفف فى أمره، وقد ورد فى صوم عاشوراء أحاديث كثيرة ستأتي في بابها من أبواب صيام التطوع (قال الحافظ) ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصومه ثم تأكد الأمر بذلك (4) أى صيام رمضان، وكان ذلك فى شعبان فى السنة الثانية من الهجرة على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدمه المدينة صلى الله عليه وسلم (5) أى فرضه الله عليكم كما فرضه على الأمم الذين من قبلكم من لدن آدم الى عهدكم فالصوم عبادة قديمة فرضها الله على جميع الأمم المتقدمة، وعلى هذا فالتشبيه فى أصل الوجوب لا فى قدر الواجب. قيل وكان الصوم على آدم عليه الصلاة والسلام أيام البيض، وصوم عاشوراء على قوم موسى. وكان على كل أمة صوم، والتشبيه لا يقتضى التسوية من كل وجه كما فى قوله صلى الله عليه وسلم انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، وهذا تشبيه الرؤية بالرؤية لا تشبيه المرئى بالمرئى، وقيل هذا التشبيه فى الاصل والقدر والوقت جميعًا، وكان على الأولين

الصفحة 240