كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[الحال الثانية من احوال الصيام وكلام المفسرين فيمن كتب عليه الصيام قبلنا]-
مسكين) قال فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينًا فأجزأ ذلك عنه (1) * قال ثمَّ إنَّ الله عزَّ وجلَّ أنزل الآية الأخرى {شهر رمضان الَّذى أنزل فيه القرآن} "على قوله" {فمن شهد منكم الشَّهر فليصمه} قال فأثبت الله صيامه على المقيم الصَّحيح. ورخَّص فيه للمريض والمسافر. وثبت الإطعام للكبير الَّذي
__________
صوم رمضان لكنهم زادوا فى العدد ونقلوا من أيام الحر إلى أيام الاعتدال، وعن الشعبى أن النصاري فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا لخولوه إلى الفصل (يعنى فصل الر بيع) وذللك أنهم ربما صاموه فى القيظ فعدوا ثلاثين يوما، تم جاء بعدهم قرن منهم فأخذوا بالثقة فى أنفسهم وصاموا قبل الثلاثين يوما، وبعدها يوما، ثم لم يزل الاخر يستن بسنة القرن الذى قبله حتى صارت إلى خمسين، فذلك قوله {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} (وأخرج الطبرى بسنده الى السدى قال {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} أما الذين من قبلنا فلنصارى كتب عليهم رمضان وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فاشتد علي النصاري صيام رمضان وجعل يتقلّب عليهم فى الشتاء والصيف، فما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا الصيام فى الفصل بين الشتاء والصيف. وقالوا نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا، فجعلوا صيامهم خمسين، فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى حتى كان من أمر أبى قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب ما كان، فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر (وفى تفسير ابن أبى حاتم عن الحسن) قال والله لقد كتب الله الصيام على كل أمة خلت كما كتبه علينا شهرا كاملا (وفى تفسير القرطبى) عن قتادة كتب الله تعالى على قوم موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام صيام رمضان فغيروا وزاد أحبارهم عشرة أيام أخرى، ثم مرض بعض أحبارهم فنذر إن شفي أن يزيد فى صومهم عشرة أيام أخرى، ففعل فصار صوم النصارى خمسين يوما، فصعب عليهم فى الحر فنقلوه إلى الربيع، قال واختار هذا القول النحاس وأسند فيه حديثًا يدل علي صحته اهـ (1) روي البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه لما نزلت {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من أراد أن يفطر يفتدى حتى نزلت الآية التى بعدها فنسخها، وروي أيضًا من حديت عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال هى منسوخة، وقال السدى عن مرة عن عبد الله قال لما زلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال يقول وعلى الذين يطيقونه أى يتجشمونه. قال عبد الله فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا (فمن تطوع) يقول أطم مسكينًا آخر فهو خير له {وأن تصوموا

الصفحة 241