كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[كلام العلماء في الصيام المشروع قبل فرض رمضان]-
.....
__________
الصدى (وبالصوم) إيقاد الفكرة وإنقاذ البصيرة (يروى أن لقمان) قال لابنه وهو يعظه. يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة، وصفاء القلب ورقة المدرك بهما لذة المناجاة والتأثر بالذكر (وبالصوم) تستريح المعدة من التخمة لأن المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، فإذا استراحت من ذلك مدة شهر استعادت نشاطها وهضمها، وفي هذا العصر عصر تقدم الطب لجأ الأطباء على اختلاف أديلهم في مداواة بعض المرضي إلى صيام المسلمين فوجدوا أن ذلك أعظم دواء لمرض الباطن (قال الزرقاني) شرع الصيام لفوائد- أعظمها. كسر النفس. وقهر الشيطان، فالشبع نهر في النفس برده الشيطان، والجوع نهر في الروح ترده الملائكة (ومنها) أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه باقداره على ما منع منه كثير من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح فإنه بامتناعه في ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر به من منع ذلك على الإطلاق فيوجب ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر به من منع ذلك على الإطلاق فيوجب ذلك شكر نعمة الله عليه بالغني ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك اهـ (أما الصيام المشروع قبل فرض رمضان) فقد اختلف السلف فيه هل كان فرضًا أو نفلاَ" فذهب الجمهور وهو المشهور عند الشافعية أنه لم يجب قط صوم قبل صوم رمضان، وفي وجه وهو قول الحنفية أول ما فرض صيام عاشوراء نزل رمضان نسخ، ومن أدلة الجمهور حديث معاوية ابن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم. فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر. رواه البخاري والإمام أحمد وسيأتي في باب صيام يوم عاشوراء، قال الحافظ قد استدل به على أنه لم يكن (يعني صوم يوم عاشوراء) فرضا قط ولا دلالة فيه لاحتمال أنه يريد ولم يكتب الله عليكم صيامه على الدوام كصيام رمضان، وغايته أنه عام خص بالأدلة الدالة على تقدم وجوبه اهـ (وذهب الحنفية) إلى أن أول ما فرض صيام عاشوراء. ثم ثلاثة أيام من كل شهر. من كل عشرة أيام يومًا. ثم نسخ ذلك بصوم رمضان بحيث يمسك في كل يوم وليلة من صلاة العشاء إلى غروب الشمس، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} واستدلوا بحديث معاذ الطويل المذكور في الباب وبما رواه نافع عن ابن عمر قال "صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك، وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه" وبحديث عائشة رضي الله عنها أن قريشًا كانت تصوم يوم عاشوراء فليصمه ومن شاء أفطر، وراهما البخاري والإمام أحمد وسيأتيان أيضًا، واستنتج الحافظ من مجموع الأحاديث أن صوم يوم عاشوراء كان واجبًا قبل افتراض صوم رمضان، وستأتي جميع الأحاديث المشار إليها في أبواب ما ورد في يوم عاشوراء إن شاء الله تعالى والله الموفق

الصفحة 246