كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[كلام العلماء في ثبوت الشهر بحساب المنجمين إذا لم ير الهلال - والجمهور على خلافه]-
.....
__________
تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رؤى فذاك، وإن لم ير ولم يخل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما، رواه الأمام أحمد، وأبو داود وزاد "قال وكان ابن عمر يفطر مع الناس ولا يأخذ بهذا الحساب" (قال الخطابي) يريد أنه كان يفعل هذا الصنيع في شهر شعبان احتياطا للصوم، ولا يأخذ بهذا الحساب في شهر رمضان ولا يفطر إلا مع الناس أهـ. وقد تبع ابن عمر على هذا المذهب * (الأمام) * أحمد في المشهور عنه (وقال ابن عبد البر) لم يتابع ابن عمر على تأويله ذلك فيما علمت إلا طاوس وأحمد بن حنبل، وروي عن أسماء بنت أبي بكر مثله، وعن عائشة نحوه أهـ (وذهبت فرقة ثالثة) إلى أن معنى الحديث قدروه بحساب المنازل، حكاه النووي في شرح مسلم عن ابن سريج وجماعة منهم مطرف بن عبد الله وابن قتيبة وآخرون (وقال ابن عبد البر) روى عن مطرف وليس بصحيح عنه، ولو صح ما وجب إتباعه عليه لشذوذه فيه ولمخالفة الحجة له، ثم حكى عن ابن قتيبة مثله، وقال ليس هذا من شأن ابن قتيبة ولا هو ممن يعرج عليه في مثل هذا الباب أهـ. وبالغ ابن العربي في العارضة في إنكاره مقاله ابن سريج هذه (قال المازري) عن الجمهور لا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد، والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم، وحكى ابن العربي عن ابن سريج أن قوله "فاقدروا" خطاب لمن خصه الله بهذا العلم "وقوله فأكملوا العدة" خطاب للعامة (قال ابن لعربي) فكأن وجوب رمضان عنده مختلف الحال يجب على قوم بحساب الشمس والقمر، وعلى آخرين بحساب العدد، إن هذا لبعيد عن النبلاء (وقال ابن الصلاح) في مشكل الوسيط معرفة منازل القمر هي معرفة سير الأهلة وهي غير المعرفة بالحساب على ما أشعر به كلام الغزالي في الدرس، فالحساب أمر دقيق يختص بمعرفته الآحاد، والمعرفة بالمنازل تدرك بأمر محسوس يدركه من يراقب النجوم، وهذا هو الذي أراد ابن سريج وقال به في حق العارف بها في خاصة نفسه (ونقل الرويائي) عنه أنه لم يقل بوجوب ذلك عليه، وإنما قال بجوازه، وهو اختيار القفال وأبي الطيب، وأما أبو إسحاق فقد نقل في المهذب عن ابن سريج لزوم الصوم في هذه الصورة، وإذا جمعت بين مسألتى الحاسب والمنجم ونظرت فيهما بالنسبة إلى أنفسهما وإل غيرهما، وبالنسبة إلى الجواز والوجوب، حصل لك من ذلك في مذهب الشافعي رحمه الله أوجه، جمعها النووي في شرح المهذب ملخصة بعد بسطها (أصحها) لا يلزم الحاسب ولا المنجم ولا غيرهما بذلك، ولكن يجوز لهما دون غيرهما ولا يجزيهما عن فرضهما (والثاني) يجوز لهما ويجزيهما (والثالث) يجوز للحاسب ويجزيه ولا يجوز للمنجم (والرابع) يجوز لهما ويجوز لغيرهما

الصفحة 259