كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[كلام العلماء في المنجم هل يلزمه الصوم بعلمه إذا لم ير الهلال أم لا؟]-
.....
__________
تقليدهما (والخامس) يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم، وأهمل النووي من الأوجه وجوب الصوم وقد حكاه حين بسط الكلام قبل ذلك، فحكى عن صاحب المهذب أنه قال إذا غم الهلال وعرف رجل بالحساب ومنازل القمر أنه من رمضان فوجهان (قال ابن سريج) يلزمه الصوم لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه من عرفه بالبينة، وقال غيره لا يصوم لأنا لم نتعبد إلا بالرؤية (قال النووي) ووافق صاحب المهذب على هذه العبارة جماعة، ثم حكى عن صاحب البيان أنه قال قال ابن الصباغ إما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا، وذكر صاحب المهذب أن الوجهين في الوجوب، ثم حكى عن الرافعي أنه قال لا يجب بما يقتضيه حساب المنجم عليه ولا على غيره الصوم (قال الروياني) وكذا من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على أصح الوجهين، قال وأما الجواز فتكلم على ذلك (وحكى ابن الصلاح عن الجمهور) منع الحاسب والمنجم من الصوم في حق أنفسهما على خلاف ما صححه النووي في شرح المهذب، وللمسألة نظير مذكور في الصلاة وهو ما لو علم المنجم دخول الوقت بالحساب فالمذهب أنه يعمل به بنفسه ولا يعمل به غيره كما في التحقيق للنووي تبعًا لصاحب البيان، ومعنى العمل به على طريق الجواز كما في الصيام والله أعلم، ورجح ابن دقيق العيد في شرح العمدة وجوب الصوم على الحاسب في الصورة المذكورة، فقال وأما ما دل عليه الحساب على أن الهلال قد طلع من الأفق على وجه يرى لولا وجود المانع كالغيم، فهذا يقتضى الوجوب لوجود السبب الشرعي، قال وليس حقيقة الرؤية تشترط في اللزوم، لأن الاتفاق على أن المحبوس في المطمورة إذا علم بإكمال العدة أو الاجتهاد بالأمارات أن اليوم من رمضان وجب عليه الصوم وإن لم ير الهلال ولا أخبره من رآه (قال الحافظ العراقي رحمه الله) في شرح الترمذي المحبوس في المطمورة معذور فوجب عليه الاجتهاد في دخول الوقت، ويجب عليه العمل بما أدى إليه اجتهاده، فإن تبين خطؤه بيقين أعاد، وحصول الغيم في المطالع أمر معتاد، والسبب الشرعي للوجوب إنما هو الرؤية لا علم ذلك بالحساب لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب - الحديث" أهـ (قلت) الحديث المشار إليه رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم، وتقدم في أحاديث الباب وهو حجة للجمهور القائلين بعدم اعتبار الحساب والتنجيم في الحكم بإثبات الشهر وعدمه، لأن في قوله صلى الله عليه وسلم لا نكتب ولا نحسب وقوله بعده الشهر هكذا وهكذا إشعارا بعدم التعويل على الحساب (قال الحافظ) والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النذر اليسير فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم

الصفحة 260