كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[مذاهب العلماء في صيام يوم أو يومين قبل رمضان والصيام في النصف الثاني من شعبان]-
.....
__________
من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا، ويوضحه قوله في الحديث الآخر (فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يقل فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوى فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم (وقد ذهب قوم) إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض. ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم. قال الباحي وإجماع السلف الصالح حجة عليهم (وقال ابن بزيزة) وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل أفاده الحافظ، وقد ظهر مما أوضحنا صحة مذهب الجمهور في تعلق الحكم بالرؤية في ثبوت الصوم والفطر دون غيرها (وبه قال الأئمة الأربعة) وجمهور العلماء من السلف والخلف والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) النهى عن صوم يوم أو يومين من آخر شعبان لما في حديث ابن عباس "ولا تستقبلوا الشهر استقبالا" ولما في حديث أبي هريرة "لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوما فليصمه" قال العلماء معنى الحديث لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان (قال الترمذي) لما أخرج هذا الحديث. العلم على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان بمعنى رمضان أهـ وإنما اقتصر على يوم أو يومين لأنه الغالب فيمن يقصد ذلك، وقد قطع كثير من الشافعية بأن ابتداء المنع من أول السادس عشر من شعبان، واستدلوا بحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" أخرجه أصحاب السنن والأمام أحمد وصححه ابن حبان وغيره، وسيأتي في باب الصوم في شعبان من أبواب صيام التطوع (وقال الروياني) من الشافعية يحرم التقدم بيوم أو يومين لحديث الباب (يعني حديث أبي هريرة المتقدم) ويكره التقدم من نصف شعبان للحديث الآخر "يعني حديث العلاء" (وقال جمهور العلماء) يجوز الصوم تطوعا في النصف الثاني ولو لمن لم يعتده ولم يصله بالنصف الأول منه، ولا يكره إلا صوم يوم الشك، وقالوا إن حديث العلاء ضعيف، قال الإمام أحمد وابن معين إنه منكر (قال الحافظ) قال بعض أئمتنا يجوز بلا كراهة الصوم بعد النصف مطلقًا تمسكا بأن الحديث غير ثابت أو محمول على من يخاف الضعف بالصوم. ورده المحققون بما تقرر أن الحديث ثابت بل صحيح وبأنه مطنة الضعف ومانيط بالمظنة لا يشترط فيه تحققها أهـ (وقد جمع الطحاوي) بين حديث العلاء وبين حديث لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين الدال بمفهومه أن صيام ما بعد النصف غير مكروه إلا في آخر الشهر بأنه محمول على من يضعفه الصوم، وحديث النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين مخصوص بمن يصوم ذلك احتياطا لرمضان؛ قال الحافظ وهو جمع حسن

الصفحة 261