كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[تعريف يوم الشك - ومذاهب العلماء في صومه وعدمه]-
.....
__________
اهـ (قلت) أما من كان له عادة فلا كراهة في صومهما كما يؤخذ من قوله في الحديث (إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه) فلا يجوز صوم النفل المطلق الذي لم تجر العادة به والله أعلم (وقد اختلف العلماء) في النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين فقيل هي القوى بالفطر لرمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط، وفيه نظر لأن مقتضى الحديث أنه لو؟؟؟ بصوم ثلاثة أيام أم أربعة أيام جاز (وقيل) الحكمة خشية اختلاط النفل بالفرض وفيه نظر، لأنه يجوز لمن له عادة كما تقدم (وقيل) لأن الحكم معلق بالرؤية. فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم، وهذا هو المعتمد. ولا يرد عليه صوم من اعتاد ذلك. لأنه قد أذن له فيه وليس من الاستقبال في شيء، ويلحق به القضاء والنذر لوجوبهما. قال بعض العلماء يستثنى القضاء والنذر بالأدلة القطعية على وجوب الوفاء بهما فلا يبطل القطعي بالظنى أفاده الحافظ (وفي حديث عمار بن ياسر المذكور في الزوائد) مع أحاديث الباب المصرحة بالنهى عن استقبال رمضان بيوم أو يومين دلالة على المنع من صوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث برؤيته أو شهد بها من لا يثبت بقوله، فإن لم يتحدث برؤيته أحد فليس يوم الشك ولو كانت السماء مغيمة (وذلك عند الشافعية، وقالت المالكية) هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء مغيمة، وإلى المنع من صومه ذهب الأمامان (مالك والشافعي والجمهور) قاله النووي، وحكى الحافظ في الفتح عن الأمامين (مالك وأبي حنيفة) أنه لا يجوز صومه عن فرض رمضان ويجوز صومه عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك، قال ابن الجوزي في التحقيق (ولأحمد في هذه المسألة) وهي إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو غيره ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال (أحدها) يجب صومه على أنه من رمضان (وثانيها) لا يجوز فرضا ولا نفلا مطلقا بل قضاء وكفارة ونذرا ونفلا يوافق عادة (ثالثها) المرجع إلى رأى الأمام في الصوم والفطر (وذهب جماعة من الصحابة) إلى صومه، منهم علي وعائشة وعمر وابن عمر وأنس ابن مالك وأسماء بنت أبي بكر وأبو هريرة ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم، وجماعة من التابعين منهم مجاهد وطاوس وسالم بن عبد الله وميمون بن مهران ومطرف بن الشخير وبكر بن عبد الله المزني وأبو عثمان النهدي (قال الشوكاني) وقال جماعة من أهل البيت باستحبابه، وقد ادعى المؤيد بالله أنه أجمع على استحباب صومه أهل البيت، وهكذا قال الأمير الحسين في الشفا والمهدي في البحر، وقد أسند لابن القيم في الهدى الرواية عن الصحابة المتقدم ذكرهم القائلين بصومه، وحكى القول بصومه عن جميع من تقدم ذكرهم من الصحابة والتابعين، قال (وهو مذهب إمام أهل الحديث والسنة أحمد بن حنبل) أهـ (قلت) أورد الحافظ ابن القيم في الهدى آثارًا كثيرة عن الصحابة المتقدم ذكرهم

الصفحة 262