كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[حجة القائلين بوجوب نية الصوم من الليل في الفرض والنفل]-
قال من لم يجمع (1) الصيام مع الفجر فلا صيام له
__________
ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الله بن أبي بكر عن ابن شهاب عن سالم عن حفصة - الحديث" (غريبه) (1) بضم أوله من أجمع يجمع إجماعا، والأجماع معناه إحكام النية والعزيمة، يقال أجمعت الرأى وأزمعته وعزمت عليه، بمعنى أن من لم يصمم العزم على الصوم مع أول ظهور الفجر أو قبله فلا صيام له، وإنما قلنا أو قبله لما ورد عند أبي داود والترمذي بلفظ "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" وظاهره التعارض مع لفظ حديث الباب، ولا معارضة، لأن الجمع ممكن يحمل رواية قبل الفجر على عدم ظهوره جليا، أي قبل ظهوره ظهورًا واضحا، وحمل رواية مع الفجر على ابتداء ظهوره، ويؤيد هذا التأويل قوله عز وجل "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" فقد أباح لنا الأكل والشرب ونحوهما حتى يظهر ابتداء الفجر، وهذا غاية وقت النية، وليس المراد أنها لا تصح إلا في هذا الوقت، بل المراد أنها لا تصح بعده وتصح من أول الليل وإن كان يأكل ويشرب ويطأ النساء إلى ابتداء ظهور الفجر، وظاهر هذا الحديث أن من لم تقع منه النية في هذا الوقت أعنى من أول الليل إلى ابتداء ظهور الفجر لا يصح صومه سواء أكان فرضا أم نفلا، وفي ذلك خلاف بين الأئمة سيأتي تفصيله في الأحكام إن شاء الله تعالى (تخريجه) (الأربعة. قط. خز. حب) وصححاه مرفوعا (قال الحافظ) في التلخيص واختلف الأئمة في رفعه ووقفه، فقال ابن أبي حاتم عن أبيه لا أدرى أيهما أصح، يعني رواية يحيي بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم. أو رواية إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم بغير واسطة الزهري لكن الوقف أشبه؛ وقال أبو داود لا يصح رفعه، وقال الترمذي الموقوف أصح، ونقل في العلل عن البخاري أنه قال هو خطأ وهو حديث فيه اضطراب والصحيح عن ابن عمر موقوف، وقال النسائي الصواب عندي موقوف ولم صح رفعه، وقال أحمد ماله عندي ذلك الإسناد، وقال الحاكم في الأربعين صحيح على شرط الشيخين، وقال في المستدرك صحيح على شرط البخاري، وقال البيهقي رواته ثقات إلا إنه روى موقوفًا؛ وقال الخطابي أسنده عبد الله بن أبي بكر والزيادة من الثقة مقبوله، وقال ابن حزم الاختلاف فيه يزيد الخبر قوة، وقال الدارقطني كلهم ثقات أهـ كلام الحافظ في التلخيص (قال الشوكاني) وقد تقرر في الأصول وعلم الاصطلاح أن الرفع من الثقة زيادة مقبولة وإنما قال ابن حزم إن الاختلاف يزيد الخبر قوة لأن من رواه مرفوعا فقد رواه موقوفا باعتبار الطرق أهـ والله أعلم

الصفحة 276