كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[مذاهب الأئمة في تبييت نية الصيام من الليل]-
.....
__________
فيقول هل من غداء فإن قالوا لا صام يومه ذلك، قال قتادة وكان معاذ بن جبل يفعله، ولفظ حميد نحوه، وزاد وإن كان عندهم أفطر ولم يذكر قصة معاذ (وأما أثر أبي هريرة) فوصله البيهقي من طريق ابن أبي ذئب عن حمزة (1) عن يحيي عن سعيد بن المسيب قال رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق ثم يأتي أهله فيقول عندكم شيء؟ فإن قالوا لا قال فأنا صائم، ورواه عبد الرزاق بسند آخر فيه انقطاع أن أبا هريرة وأبا طلحة فذكر معناه (وأما أثر ابن عباس) فوصله الطحاوي من طريق عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يصبح حتى يظهر، ثم يقول والله لقد أصبحت وما أريد الصوم وما أكلت من طعام ولا شراب منذ اليوم ولأصومن يومي هذا (وأما أثر حذيفة) فوصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق سعيد بن عبيدة عن عبد الرحمن السامي قال قال حذيفة "من بدا له الصيام بعدما تزول الشمس فليصم" وفي رواية ابن أبي شيبة أن حذيفة بدا له في الصوم بعد ما زالت الشمس فصام أهـ (الأحكام) حديث حفصة الأول من أحاديث الباب مع حديثي عائشة وميمونة بنت سعد وأثر ابن عمر المذكورة في الزوائد تدل على وجوب تبييت نية الصوم وإيقاعها في أي جزء من الليل، وظاهرها سواء أكان الصوم فرضا أم نقلا (قال الشوكاني) وقد ذهب إلى ذلك ابن عمر وجابر بن يزيد من الصحابة؛ والناصر والمؤيد بالله ومالك والليث وابن أبي ذئب ولم يفرقوا بين الفرض والنفل، وقال أبو طلحة (وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل) والهادي والقاسم إنه لا يجب التبييت في التطوع، ويروى عن عائشة أنها تصح النية بعد الزوال، وروى عن علي عليه السلام والناصر (وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي) أنها لا تصح النية بعد الزوال (وقالت الهادوية وروى عن علي وابن مسعود والنخعي) أنه لا يجب التبييت إلا في صوم القضاء والنذر المطلق والكفارات وأن وقت النية في غير هذه (يعني المذكورات من القضاء والنذر المطلق والكفارات) من غروب شمس اليوم الأول إلى بقيةٍ من نهار اليوم الذي صامه (وقد استدل القائلون بإنه لا يجب التبييت) بحديث سلمة بن الأكوع والربيع عند الشيخين (قلت والأمام أحمد أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس إذ فرض صوم عاشوراء (الأكل من أكل فليمسك ومن لم يأكل فليصم) (وأجيب) بأن خبر حفصة متأخر فهو ناسخ لجوازها في النهار، ولو سلم عدم النسخ فالنية إنما صحت في نهار عاشوراء لكون الرجوع إلى الليل غير مقدور (يعني غير ممكن) والنزاع فيما كان مقدورا، فيخص الجواز بمثل هذه الصورة، أعني من ظهر له وجوب الصيام عليه من النهار كالمجنون يفيق والصبى يحتلم والكافر يسلم، وكمن انكشف له في النهار أن ذلك اليوم من رمضان،
__________
(1) قوله عن حمزة - في نسخة عن عمر بن نجيح وفي أخرى عن عثمان بن نجيح

الصفحة 280