كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[أدلة القائلين بوجوب تفرقة الزكاة فى بلدها]-
.....
__________
أن الله غني حميد} أى وإن امركم بالصدقات وبالطيب منها فهو غنى عنها، وما ذاك إلا أن يساوى الغنى الفقير كقوله تعالى {لم ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} وهو غنى عن جميع خلقه، وجميع خلقه فقراء اليه وهو واسع الفضل لا ينفد ما لديه، فمن تصدق بصدقة من كسب طيب فليعلم أن الله غنى واسع العطاء كريم جواد وسيجزيه بها ويضاعفها له أضعافًا كثيرة وهو (الحميد) أى المحمود فى جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره لا إله غيره ولا رب سواه (وفى حديث أمامة بن سهل) المذكور فى الزوائد دلالة على أنه لا يجوز لرب المال أن يدفع زكاة التمر الردئ بدلًا من الجيد الذى وجبت فيه الزكاة وهو نص فى التمر، وتقدم النهى عن أخذ الردئ فى كل الأموال فى زوائد باب اجتناب كرائم أموال الناس فى الزكاة وما يجزى من النعم صحيفة 232 فى الجزء الثامن، والذى ينبغى لرب المال أن يعطى الصدقة سواء أكانت واجبة أن تطوعًا من أفضل ماله كسبًا ونوعًا، فان ذلك أقرب إلى القبول وأجدر بالثواب العظيم قال تعالى {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا} فان أعطى من أوساط ماله فلا بأس بذلك، أما من دنيئه فلا والله أعلم
(تتمة فى تفرقة الزكاة فى بلدها ومراعاة المنصوص عليه لا القيمة)
(عن أبى جحيفة) رضى الله عنه قال قدم علينا مصدّق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها فى فقرائنا، فكنت غلامًا يتيمًا فأعطانى منها قلوصًا ((أى ناقة شابة وتجمع على قلائص وقلاص وقلص)) رواه الترمذى وقال حديث حسن (وعن عمران ابن حصين) رضى الله عنه أنه استعمل على الصدقة، فلما رجع قيل له أين المال؟ قالوا وللمال أرسلتنى؟ أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعناه حيث كنا نضعه (د. جه) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجال اسناده رجال الصحيح إلا ابراهيم بن عطاء وهو صدوق (وعن طاوس) قال كان فى كتاب معاذ من خرج من مخلاف الى مخلاف ((أى من عشيرة الى عشيرة أخرى أو من بلد الى بلد آخر)) فان صدقته وعشره فى مخلاف عشيرته؛ رواه الأثرم فى سننه، وأخرجه أيضًا سعيد بن منصور بأسناد صحيح الى طاوس بلفظ ((من انتقل من مخلاف عشيرته فصدقته وعشره فى مخلاف عشيرته)) (وعن معاذ ابن جبل رضى الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه الى اليمن، فقال خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الأبل والبقر من البقر (د. جه. ك) وصححه على شرط البخارى ومسلم، وفى اسناده عطاء عن معاذ ولم يسمع منه لأنه ولد بعد موته أول سنة موته أو بعد موته بسنة، وقال البزار لا نعلم أن عطاء سمع من معاذ (أحكام التتمة) استدل بهذه الأحاديث على مشروعية صرف الزكاة كل بلد فى فقراء أهله وكراهية صرفها في غيرهم