كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[جواز إعطاء قوم من الصدقة وحرمان آخرين لمصلحة يراها الإمام]-
عنيَّ، قال فقلت يا أمير المؤمنين أتعرفني؟ قال فضحك حتى استلقى لقفاه ثم قال نعم والله إني لأعرفك، آمنت إذ كفروا، واقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وإن أول صدقةٍ بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة عدي جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) ثم أخذ يعتذر، ثم قال إنما فرضت لقومٍ أجحفت (2) بهم الفاقة وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق (3)
(90) عن عامر بن سعد بن أبي وقاصٍ عن أبيه رضي الله عنه قال أعطى النبي صلى الله عليه وسلم رجالاً ولم يعط رجلاً منهم شيئًا، فقال سعدٌ يا نبي الله أعطيت فلانًا وفلانًا ولم تعط فلانًا شيئًا وهو مؤمن؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلمٌ (4) حتى أعادها سعد ثلاثًا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أو مسلمٌ، ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إني لأعطي رجالاً وأدع من هو أحب إليَّ منهم فلا أعطيه شيئًا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم (5)
__________
(1) هذه الخصال حصلت من عدي بن حاتم رضي الله عنه. وهي تدل على فضله، وغنما أعرض عنه عمر رضي الله عنه ولم يعطه من الصدقة لما يعلمه فيه من العفة ورسوخ الأيمان، ولذلك اعتذر إليه وبين وجهه نظره في حرمانه وإعطاء غيره (2) أي أفقرتهم الحاجة وأذهبت أموالهم (3) أي لما ينزل بهم من المهمات والحوادث، ولأن الناس يقصدونهم في حوائجهم ومهماتهم لكونهم سادة عشائرهم، وقد نابه ينوبه نوبًا، وانتابه إذا قصده مرة بعد أخرى (تخريجه) أخرجه ابن سعد وغيره وبعضه في مسلم
(90) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه - الحديث" (غريبه) (4) بإسكان الواو على الأضراب عن قوله والحكم بالظاهر؛ كأنه قال بل مسلم ولا نقطع بأيمانه، فإن الباطن لا يطلع عليه إلا الله، فالأولى أن يعبر بالإسلام، وليس ح كمًا بعدم إيمانه بل نهى عن الحكم بالقطع به، والله أعلم (5) قال النووي معنى هذا الحديث أن سعدًا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي ناسًا ويترك من هو أفضل منهم في الدين

الصفحة 49