كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[التعريف بالمسكين]-
(2) باب ما جاء في الفقير المسكين
(91) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين هذا الطوَّاف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة
__________
وظن أن العطاء يكون بحسب الفضائل في الدين، وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم حال هذا الإنسان المتروك فأعلمه به وحلف أنه يعلمه مؤمنًا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلمًا فلم يفهم منه النهي عن الشفاعة فيه مرة أخرى فسكت، ثم رآه يعطي من هو دونه بكثير فغلبه ما يعلم من حسن حال ذلك الإنسان، فقال يا رسول الله مالك عن فلان (كذا في رواية مسلم) تذكيرًا وجوّز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم همَّ بعطائه من المرة الأورى ثم نسيه فأراد تذكيره، وهكذا المرة الثالثة إلى أن أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن العطاء ليس هو على حسب الفضائل في الدين فقال صلى الله عليه وسلم "إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار" هكذا في رواية مسلم، والمعنى أني أعطي ناسًا مؤلفة. في إيمانهم ضعف. لو لم أعطهم كفروا فيكبهم الله في النار، وأترك أقوامًا هم أحب إلي من الذين أعطيتهم، ولا أتركهم احتقارًا لهم ولا لنقص دينهم ولا إهمالاً لجانبهم، بل أكلهم إلى ما جعل الله في قلوبهم من النور والإيمان التام وأثق بأنهم لا يتزلزل إ يمانهم لكماله؛ وقد ثبت هذا المعنى في صحيح البخاري (قلت والإمام أحمد أيضًا وسيأتي) عن عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بمال أو سبي فقسمه فأعطى رجالاً وترك رجالاً، فبلغه أن الذين ترك عتبوا فحمد الله تعالى ثم أثنى عليه، ثم قال أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إليّ من الذي أعطي ولكني أعطي أقوامًا لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع وأكل أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (وفي الباب) أحاديث أخرى ستأتي في باب قسم الغنائم من كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه يجوز للإمام أو لمن يتولى قسم الزكاة أن يتصرف في القسمة على حسب المصلحة، فيعطي هذا ويمنع هذا، وله أن يفضل بعض الناس على بعض في العطية مراعيًا في ذلك المصلحة العامة التي تعود على الأمة بالخير مخلصًا لوجه الله تعالى، فإن توجه إليه لوم ممن لا يعرفون مقصده بين لهم السبب برفق وردّ جميل كما رد النبي صلى الله عليه وسلم على سعد بن أبي وقاص، وكما اعتذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعدي بن حاتم، وبمثل هذا تساس الأمم وتصلح الرعية، وسيأتي لذلك مزيد بحث في باب ما جاء في المؤلفة قلوبهم والله الموفق
(91) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن