كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[جواز إعطاء قوم من الصدقة وترك آخرين لحكمة يراها الإمام]-
أتاه شيءٌ (1) فأعطاه ناسًا وترك ناسًا، وقال جريرٌ أعطى رجالاً وترك رجالاً قال فبلغه عن الذين ترك (2) أنهم عتبوا وقال، قال فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال (3) إني أعطي ناسًا وأدع ناسًا، وأعُطي رجالاً وأدع رجالاً، قال عفَّان قال ذي وذي (4) والذين أدع أحب إلي من الذين أعطي، أُعطي لما في قلوبهم (5) من الجزع والهلع، وأكل قومًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير (6) ومنهم عمرو بن تغلب، قال وكنت جالسًا تلقاء وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال ما أحب أن لي بكلمة (7) رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حُمْرَ النعم
__________
البصرة وعاش إلى خلافة معاوية (1) في رواية للبخاري أتى بمال أوسي بسين مهملة بعدها باء موحدة ساكنة ثم باء تحتية (وفي رواية له أيضًا) بشين معجمة ثم ياء تحتية ساكنة بعدها همزة، وفي رواية الإسماعيلي "أتى بمال من البحرين (2) أي الذين تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعطهم (أنهم عتبوا وقالوا) أي تكلموا في هذا الشأن كلام عتاب لا سخط حيث حرموا عن العطاء (3) رواية البخاري ثم قال أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل - الحديث" (4) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجملتين من قوله إني أعطي ناسًا إلى قوله وأدع رجالاً (5) رواية البخاري "لما أرى في قلوبهم من الجزع" أي لما أرى من نظر القلب لا من نظر العين (والجزع) بالتحريك ضد الصبر يقال جزع جزعًا وجزوعًا فهو جزع وجازع، وقال يعقوب الجزع الفزع (والهلع) بالتحريك أيضًا وهو أفحش الفزع، وقال محمد بن عبد الله بن طاهر لأحمد بن يحيى ما الهلوع؟ فقال قد فسره الله تعالى حيث قال "إن الإنسان خلق هلوعا" بقوله {إذا مسه الشر جزوعًا وإذا مسه الخير منوعا} ويقال الهلع والهلاع والهلعان الجبن عند اللقاء والله أعلم (6) أي تركهم لما وهب الله تعالى لهم من غنى النفس، فصبروا وتعففوا عن المسألة والشره (7) مثل هذه الباء في قوله (بكلمة) تسمى بالباء البدلية وبالمقابلة نحو اعتضت بهذا الثوب خيرًا منه أي ما أحب حمر النعم لي بدل كلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الكلمة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في حقه (وهي كونه من أهل الخير والغنى) أحب إليه من أن يعطي حمر النعم وهي الإبل الحمراء بدلها، وكانت هذه

الصفحة 61