كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[إختلاف المذاهب في إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة]-
.....
__________
الإبل محبوبة عند العرب (تخريجه) (خ) وهذا الحديث من أفراد البخاري وأخرجه في الجمعة عن محمد بن معمر، وفي الخمس عن موسى بن إسماعيل، وفي التوحيد عن أبي النعمان (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز المؤلفة قلوبهم من الصدقة سواء أكانوا كفارًا أم مسلمين، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس كل إنسان منهم مائة من الإبل، وروي أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم أعطى علقمة بن علاقة مائة؛ ثم قال للأنصار لما عتبوا عليه ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والأبل وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، ثم قال لما بلغه أنهم قالوا يعطي صناديد نجد ويدعنا - إنما فعلت ذلك لأتألفهم - كما في صحيح مسلم وغيره (واعلم أن المؤلفة قلوبهم) صنفان، صنف كفار كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم ترغيبًا لهم ولقومهم في الإسلام وصنف أسلموا على ضعف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألفهم ليثبتوا على الإسلام، وقد اتفق العلماء على جواز ذلك في المؤلفة قلوبهم من المسلمين، واختلفوا في الكفار، فقال الإمام الشافعي لا تتألف كافرًا، فأما الفاسق فيعطى من سهم التأليف (وقال الإمام أبو حنيفة) وأصحابه قد سقط بانتشار الإسلام وغلبته، واستدلوا على ذلك بامتناع أبي بكر من إعطاء أبي سفيان وعيينة والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس (قال في روح المعاني) إن هذا الصنف يعني المؤلفة قلوبهم من الأصناع الثمانية قد سقط وانعقد إجماع الصحابة على ذلك في خلافة الصدّيق رضي الله عنه، روي أن عيينة بن حصن والأقرع جاءا يطلبان أرضًا من أبي بكر فكتب بذلك خطّا فمزقه عمر رضي الله عنه وقال هذا شيء كان يعطيكموه رسول الله صلى الله عليه وسلم تأليفًا لكم، فأما اليوم فقد أعز الله تعالى الإسلام وأغنى غنكم، فإن ثبتّم في الإسلام وإلا فبيننا وبينكم السيف، فرجعوا إلى أبي بكر فقالوا أنت الخليفة أم عمر؟ بذلت لنا الخط ومزقه عمر، فقال رضي الله عنه هو إن شاء، ووافقه ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي الله عنهم اهـ (واختلف المالكية) في المؤلف الكافر فقيل تدفع إليه ترغيبًا له في الإسلام لإنقاذه من النار لا لإعانته للمسلمين، فلا يسقط حقه بفشو الإسلام (وقيل) لا يعطى بناء على أن العلة في إعطائه إعانته للمسلمين، وقد استغنى عنه بعزة الإسلام، أما المؤلف المسلم فلا خلاف في إعطائه عندهم (وذهب الحسن والزهري وأبو جعفر محمد بن علي والعترة والبلخي والإمام أحمد) إلى جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم؟ من الصدقة كافرهم ومسلمهم (قال ابن قدامة) ولنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم والنبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء، وكان يعطي المؤلفة كثيرًا