كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[ما ذهب إليه الحنابلة من إعطاء المؤلفة قلوبهم]-
(5) باب الصدقة في الرقاب
(103) عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال جاء أعرابيٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علِّمني عملاً يدخلني الجنة (1) فقال لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة (2) أعتق النسمة (3) وفُك الرقبة، فقال يا رسول الله
__________
في أخبار مشهورة، ولم يزل كذلك حتى مات، ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بنسخ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، ثم إن النسخ إنما يكون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن النسخ إنما يكون بنص، ولا يكون النص بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقراض زمن الوحي، ثم إن القرآن لا ينسخ إلا بقرآن، وليس في القرآن نسخ كذلك ولا في السنة، فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم أو بقول صحابي أو غيره، على أنهم لا يرون قول الصحابي حجة يترك بها قياس، فكيف يتركون به الكتاب والسنة، (قال الزهري) لا أعلم شيئًا نسخ حكم المؤلفة، على أن ما ذكروه من المعنى لا خلاف بينه وبين الكتاب والسنة، فإن الغنى عنهم لا يوجب، رفع حكمهم؛ وإنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم، فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا، فكذلك جمع الأصناع إذا عدم منها صنف في بعض الزمان سقط حكمه في ذلك الزمن خاصة، فإذا وجد عاد حكمه كذا ههنا اهـ (قال الشوكاني) والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه، فإذا كان في زمن الإمام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته بالقسر والغلب فله أن يتألفهم، ولا يكون لفشو الإسلام تأثير لأنه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة، وقد عد ابن الجوزي أسماء المؤلفة قلوبهم في جزء مفرد فبلغوا نحو الخمسين نفسًا اهـ. والله أعلم
(103) عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم وأبو أحمد قالا ثنا عيسى بن عبد الرحمن البجلي من بني بجيلة من بني سليم عن طلحة قال أبو أحمد ثنا طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب - الحديث" (غريبه) (1) في رواية أخرى قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال دلني على عمل يقربني إلى الجنة ويبعدني من النار، فقال أعتق النسمة - الحديث" (2) يريد أن الرجل عبّر عن سؤاله بلفظ "قصير وجيز" ولكن المسألة واسعة، لأن الأعمال التي تقرب إلى الجنة كثيرة الشعب، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أجاب الرجل بهذه الخصال واختارها له لأنه توسم فيه أن حاجته إليها أمس من غيرها، على أن هذا الجواب من جوامع الكلم ينتفع به كل إنسان (3) النسمة النفس والروح، أي أعتق ذات الروح، وكل دابة فيها روح فهي

الصفحة 63