كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[مذاهب العلماء في دفع الزكاة في سبيل الله وابن السبيل - وكلامهم في العمرة في رمضان]-
.....
__________
تكلم فيه غير واحد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية إعطاء الزكاة في سبيل الله وهو صنف من الأصناف الثمانية التي ذكرها الله عز وجل في قوله {إنما الصدقات للفقراء والمساكين- الآية}، ومن سبيل الله الغزاة فلهم سهم في الصدقة يعطون إذا أردوا الخروج إلى الغزو وما يستعينون به على أمر الغزو من النفقة والكسوة والسلاح والحمولة وإن كانوا أغنياء، ولا يعطى شيء منه في الحج عند أكثر أهل العلم؛ وقال قوم يجوز أن يصرف سهم في سبيل الله، ويروى ذلك عن ابن عباس وهو قول الحسن (والإمام أحمد وإسحاق) وحجتهم ما جاء من ذلك في أحاديث الباب (وفيها أيضًا) مشروعية إعطاء الزكاة لابن السبيل وهو أحد الأصناف الثمانية أيضًا، فكل من يريد سفرًا مباحًا ولم يكن له ما يقطع به المسافة يعطى من الصدقة بقدر ما يقطع به تلك المسافة سواء كان له في البلد المنتقل إليه مال أو لم يكن (وقال قتادة) ابن السبيل هو الضيف، وقال فقهاء العراق ابن السبيل الحاج المنقطع (وقال الإمام الشافعي رحمه الله) ابن السبيل المستحق للصدقة هو الذي يريد السفر في غير معصية فيعجز عن بلوغ مقصده إلا بمعونة (وفيها أيضًا) جواز إهداء الفقير الذي صرفت إليه الزكاة بعضًا منها إلى الأغنياء، لأن صفة الزكاة قد زالت عنها (وفيها أيضًا) دلالة على جواز قبول هدية الفقير للغني (وفيها أيضًا) مشروعية إعطاءها لعامل عليها أو غارم، وتقدم الكلام على ذلك (وفيها أيضًا) أنه يجوز لغير دافع الزكاة شراؤها ويجوز لآخذها بيعها بدون كراهة (وفيها أيضًا) دلالة على أنه لا تحل الصدقة لغير هؤلاء الخمسة من الأغنياء، وما ورد بدليل خاص كان مخصصًا لهذا العموم (وفيها أيضًا) دلالة على أن العمرة في رمضان تعدل حجة في الثواب (قال ابن خزيمة) في هذا الحديث أن الشيء يشبه الشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها؛ لأن العمرة لا يقضى بها فرض الحج ولا النذر (قال الحافظ) والحاصل أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن فرض الحج. ونقل الترمذي عن استحقاق بن راهويه أن معنى الحديث نظير ما جاء أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن (وقال ابن العربي) حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة. فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها (وقال ابن الجوزي) فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد (وقال غيره) يحتمل أن يكون المراد عمرة فريضة في رمضان كحجة فريضة وعمرة نافلة (وقال ابن التين) قوله لحجة يحتمل أن يكون على بابه. ويحتمل أن يكون لبركة رمضان، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بهذه المرأة (قال الحافظ) الثالث قال به بعض المتقدمين